تساءلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حول المنحى الجديد الذي تسلكه الدولة المغربية، والمتميز بما تشهده أوضاع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية من تراجعات والمغرب على أبواب استضافة المنتدى العالمي الثاني حول حقوق الإنسان، مستفسرة كيف يسوغ لدولة سيتقاطر عليها آلاف المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان من مختلف بقاع العالم أن تستقبلهم في أجواء كان عليها توفير شروط الانفراج فيها، من إطلاق سراح للمعتقلين السياسيين، والاستجابة لمطالب حركة 20 فبراير المتعلقة بمحاربة الفساد والاستبداد ووضع أسس دولة الحق والقانون الكفيلة بتحقيق الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، لا أن تخلق أجواء التوتر بالإجهاز على عدد من الحقوق والحريات المكتسبة على جزئيتها، وهو ما يمكنه أن يؤثر على مشاركة الحركة الحقوقية المغربية، والتي قد تصل إلى حد مقاطعة أشغال هذا المنتدى، وأن يحول المشاركون والمشاركات المنتدى إلى فضاء للتضامن مع الحركة الحقوقية والتنديد بما تتعرض له.
وأكدت أن المسؤولين سواء منهم، رئيس الحكومة أو وزير العدل والحريات، كان من المفروض عليهم أن يتحركوا لوقف هذه التجاوزات التي تمس الحقوق والحريات في تجاوز صارخ للقضاء الذي من المفروض أن يضطلع بأدواره في السهر على تطبيق القانون، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم خرقه سواء من طرف السلطات أو من طرف المجتمع نفسه.
وأضافت أنه إذا كان وزير العدل والحريات قد اعتبر في الكلمة التي ألقاها خلال ترؤسه حفل توقيع اتفاقية الشراكة مع الجمعيات الحقوقية بالمعهد العالي للقضاء، يوم الأربعاء 24 شتنبر، استهداف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية ــ فرع المغرب، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان وغيرها رجوعا إلى الوراء في الحقل الحقوقي، وأن الواقفين وراء المنع يشتغلون خارج الشرعية، فإن عليه معالجة هذه الوضعية وإعطاء أوامره للنيابة العامة، باعتبار رئيسها لفتح تحقيق في التجاوزات المذكورة وترتيب الآثار القانونية بصددها، حتى لا يظل مرتكبوها بعيدين عن المساءلة والعقاب.
كما شددت الجمعية أن الهجوم الذي تعرضت وتتعرض له، لن يثنيها أبدا عن الاستمرار في نضالها من أجل مغرب بدون تعذيب وبدون انتهاكات لحقوق الإنسان في شموليتها وكونيتها، وستواصل العمل المشترك مع مختلف المكونات المجتمعية المعنية بحقوق الإنسان من أجل التصدي لهذه الانتهاكات، ومن أجل تمتيع المواطن/ة المغربي بكافة حقوقه.
كما أن الجمعية ستتوجه إلى القضاء الإداري من أجل إنصافها من الشطط الذي تتعرض له، كما أنها ستلجأ لجميع الآليات الدولية لعرض قضيتها ومساءلة المغرب في التزاماته الاتفاقية وغير الاتفاقية.
وفي هذا السياق، قال أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب لم تعرف ذلك الاستقرار المنشود، المفضي إلى الاحترام الفعلي لهذه الحقوق، وتحقيق الانسجام بين الخطاب والممارسة، والاتساق بين التصديق على عدد كبير من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، والتفعيل الكامل لمقتضياتها واقعا وتشريعا وممارسة، وبين ما يتضمنه دستور يوليوز 2011، من تأكيد على احترام حقوق الإنسان في الفصل المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية، وما هو جار به العمل من طرف مختلف المؤسسات الحكومية والقضائية وغيرهما.
وأكد أن هذه الندوة التي نظمت، صباح اليوم الإثنين، بمقر الجمعية بالرباط، تأتي في سياق الوقوف عند ما تتعرض له الحركة الحقوقية، ومختلف الفاعلين داخل المجتمع المدني، من محاولات الإخضاع والتطويع، من خلال التضييق عليهم ومنع أنشطتهم؛ وهو ما يشكل تهديدا للحقوق والحريات والمكتسبات الجزئية، التي حققتها الحركة الحقوقية على امتداد العقود الماضية بتضحيات كبيرة، مؤكدا أن المحاولات المتكررة للمسؤولين لمحاصرة عمل المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتحجيم أدوراهم في الاضطلاع بمهام الدفاع عن الحقوق والحريات المكفولة بموجب القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والنهوض بها، في انتهاك سافر للإعلان العالمي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان وللمبادئ التوجيهية ذات الصلة.
وأردف الهايج في تصريح صحفي انه نظرا للأدوار الذي تضطلع بها الجمعية في المجال الحقوقي، فقد نالت النصيب الأوفر من المنع من استعمال القاعات العمومية في أنشطتها، ومن التضييق والمتابعات، والذي تمظهر في منع العديد من الوقفات الاحتجاجية بالعيون، وإمزورن، والحسيمة، وأصيلا، والخميسات، وميدلت، وتطوان، وفاس ــ سايس، والجديدة، وتيفلت، ومراكش، وتزنيت، والمضيق، وسوق السبت، وخنيفرة، والبرنوصي بالبيضاء، والرباط، والراشيدية، والسمارة وتاونات.
وأبرز الهايج ” أن الأمور لم تقف عند هذا الحد، بل تطورت بشكل أكبر بعد التصريحات الفاقدة لأية مصداقية، التي ألقى بها وزير الداخلية داخل البرلمان، بتاريخ 15 يوليوز 2014، والتي تهجم فيها على الحركة الحقوقية المغربية بكاملها، واتهمها بخدمة أجندات خارجية وبالإضرار بالمصالح الوطنية للبلد، وأنها تحول دون أن تقوم أجهزة الأمن بعملها في مكافحة الإرهاب، وما إلى غير ذلك من الاتهامات التي لا تستند على أي أساس قانوني أو مادي؛ وهو التطور الذي دفع بالهيئات الحقوقية والمدنية عموما لتنظيم لقاء، يوم 18 يوليوز2014، أعقبه صدور بيان تنديدي بتصريحات وزير الداخلية، مع مطالبته بالاعتذار عما بدر منه من اتهامات، ما لم يقدم الدلائل عليها”.
وأوضح رئيس الجمعية من خلال جرده لمحطات المنع، أن ذلك يعد اعتداء صريحا والواضح للمسؤولين على عدد من الحقوق المكفولة بقوة ما هو منصوص عليه في العهود الدولية المصادق عليها من طرف الدولة المغربية، والمشمولة بالحماية التي ينص عليه قانون الحريات العامة المتعلق بالتجمعات العمومية في الفصل الأول المتعلق بالاجتماعات العمومية، والذي يؤكد على إعفاء الجمعيات المؤسسة بصفة قانونية من سابق التصريح. مشيرا أن عبد الرحمان اليوسفي، لما كان وزيرا أولا قد وجه مذكرة إلى جميع الوزارات وكتاب الدولة بخصوص استعمال القاعات العمومية من طرف الجمعيات والأحزاب والنقابات، مؤكدا أن ما تعرضت له الجمعية لهو تعد صريح وواضح على القانون، قبل الجمعية المغربية لحقوق الانسان، وشطط في استعمال السلطة من طرف وزارة الداخلية ومصالحها المختلفة.