هل يمكن إطلاق الرصاص علي السماء لأنها عطست غبار الحقد والحنق وعدم الأخلاق المتصاعد إليها من البشر في شكل قطع ثلج سوداء ؟.. هل يمكن إطلاق الرصاص علي الغلابة ليقظتهم أمام سحر كلمات بهلوانات تجار الدين ؟ .. هل يمكن محاكمة الشباب بعد ازاحتهم الشيوخ والعجائز والمتسلقين وأصحاب الألعاب البهلوانية والأقنعة الورقية والطبول الوثنية عن كاهل مصر.. يا سادة لن تبني مصر بالإقتصاد فقط .. ولكن بالأخلاق نشيد حضاراتنا..
كفانا جلدا للذات .. والبكاء علي اللبن المسكوب وتقديم التبريرات والشماعات .. اجعلونا نفكر بإيجابية معا .. ونصل لحلول نضعها في روشته أمام من يهمه نجاح مصر ..
(1 ) التاريخ خير مثال
بعيدا عن الهبش والنبش ..والهرتله والتكرار.. التاريخ يبرهن .. ويعطي من باطنه أمثلة عديدة علي أن الدولة هي مرآة لشعبها..فإذا كانت قيم وأخلاق الشعوب جيدة فإنها تضارع حبات الغلال.. وينابيع المياه.. وخصوبة التربة .. وقتها تصبح الدولة حقل من القمح.. وغابات من التطور..
أما إذا كانت أخلاق الشعب عقيمة .. وتشبه الأرض العطشى المتشققة .. وقتها نجد الدولة ذات أجنحة ممزقة .. وتسوء العلاقات..وتفسد المعاملات.. وتسد طرق التقدم والتطور..
ولو بحثنا في التاريخ نجد أن أصل وفصل الأزمات الاقتصادية أخلاقية .. فلن تجدي وتثمر وتزهر مشروعات قومية مثل محور قناة السويس أو ترشيد الاستهلاك وغيرها .. والشعب مطحون ومفروم ومعصور بعادات سيئة .. الرشوة والفساد والاحتكار والطمع والاستحواذ وغياب الأمانة.. والأزمات الأخلاقية في السياسة والاقتصاد والعلاقات والتعاملات والتنافسات غير الشريفة.. ومحاولات البعض النيل من الآخر بلا ضوابط ولا تحريم.
المسائل الأخلاقية لها أثرها داخل المجتمع .. وبدونها يتحول الواقع إلى حديقة حيوانات..لا يجدي معها إلا بناء الأقفاص لردع أفعال البشر ..
( 2 ) الدين علي الموضة
في حياة الأمم الساقطة من ثقوب التاريخ.. نجد دائما المرأة التي تدعي التدين .. تسبح .. وتغوص..مرتدية علي رأسها غطاءا .. حشمة .. يحجبها عن أنظار المتلصيين .. ويضفي عليها صفة التدين والورع .. ولكن بمجرد خروجها من المياه ” تتسع وتفنجل ” العيون.. وتفتح الأفواه .. وهي تراقب سيقان المرأة التي ترتدي قطع البكيني وتظهر جسدها المنحوت أو المنفوش .. فكم نموذج يوجد من هذه السيدة في مصر؟
هكذا مدعوا التدين .. وأصحاب الخطى .. وتجار الدين .. يخبون رؤسهم ويكشفون مؤخراتهم .. يدمرون .. ويهدمون .. أي بارقة نور أو أمل في مستقبل لمصر .. نفوسهم تملك مغارات للخفافيش والثعابين والعقارب.. والسنتهم تطلق الطيور الجارحة.. الساحقة من أجل مصالحهم الشخصية..وما يثير الدهشة أنهم يملكون أدوات خداع البسطاء وتحويلهم إلي ديناميت ينسف حياتهم وحريتهم وأرزاقهم.. ويطفح الظلام في بيوتهم.
وعلي النقيض .. وجدنا شباب يربط بين أفعال هؤلاء التجار والدين نفسه .. فامتدت كراهيتهم للدين .. وجاهروا بإلحادهم.. وظهروا علي شاشات التليفزيون بكل بجاحة .
يا تجار الدين إن الدين رحمة وحرية.. إيمان بالتغيير والتطوير وقبول للآخر.. عدل وإنصاف.
( 3 ) عيوب الغير
الشعب المصري يشبه .. ويتشابه .. مع حكاية المرأة المتلصصة .. التي تضيع وقتها .. وعمرها .. لتقييم جودة غسيل جارتها المنشور في الشرفة.. دائما ما كانت تراه ” قذر ومتسخ” لأن السيدة مستهترة.. فكانت تتعجب لزوجها من ملابس الجيران.. وفي أحد الأيام فوجئت وهي تتلصص بأن ملابس الجارة هذه المرة نظيفة .. فتعجبت وإحتارت .. وجرت نحو زوجها لتحكي لك .. ولكنه فاجأها بأنه قام اليوم بتنظيف زجاج الشبابيك القذر .. لذلك فالعيب لم يكن في ملابس الجيران بقدر قذارة زجاج بيت الزوجة ..
لذا فإن الشعب المصري يضيع عمره .. ووقته .. في مراقبة عيوب الآخرين دون تعديل عيوبه .. والتلصص عليهم وإقحام أنفسهم في الخصوصيات .. وهتك عرض المودة والانسانية .. فشاعت البغضاء .. والكره .. حتي تساقط العمود الفقري للمجتمع ..
و قيل لحكيم : ما بال الناس لا يرون عيوبهم كما يرون عيب غيرهم ؟ فقال : لأن الإنسان عاشق لنفسه .. والعاشق لا يري عيوب المعشوق !!
فكفانا
أحمد خيري
مدير تحرير لغة العصر – مؤسسة الاهرام
القاهرة