وجهة نظر.الديمقراطيون الجدد: قليل من الإيديولوجا..كثير من الطوطولوجيا

وجهة نظر.الديمقراطيون الجدد: قليل من الإيديولوجا..كثير من الطوطولوجيا

- ‎فيرأي
394
0

image
لقد كان الأستاذ محمد ضريف مخالفا لكل تحليلاته السياسية السابقة، فلطالما صمت كتاباته ومداخلاته آذاننا بنقد الحياة الحزبية المغربية، وكثيرا ما اعتبرها خارج محجة الديمقراطية البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا مستبد، لكن دلالة المفهوم من تسمية حزبه اعتراف ضمني بوجود ديمقراطيين قدامى، بينما هو وكتيبته مجرد جدد التحقوا بركبهم وصار لهم حزبهم الذي يغني الحياة السياسية المغربية، ولا ضير في كثرة الأحزاب حسب قوله، فكبريات الديمقراطيات العالمية تعرف هذه الظاهرة، وإنها لظاهرة صحية في الحياة السياسية؛ لكن هذا لم يكن رأي الأستاذ ضريف قبل سنوات، لكن لا بأس “الراس لي مايدور كدية”، وأستاذنا الكبير لا يحمل “كدية” بين كتفيه طبعا، وإنما رأسا عالما عارفا بكثير من الأمور، خصوصا السياسية منها، ولا جديد في الأمر أيضا، فقد تعلمنا أن الثابت الوحيد في وطننا على مبدئه هو “الأزمة”، أما أستاذنا قد سبقه غيره، فاليسار الذي كان يقلب الطاولات ويهدد ويتوعد ثم يرغي ويزبد، قلب “الفيستة” حينما أدخل أصابعه في “العصيدة” الحكومية واكتشف أنها ليست باردة مثلما كان يظن، وتحول عدو الخوصصة اللدود إلى حبيبها الودود، وتحول حماة الفقراء والمقهورين ذات زمن إلى “أكلة الشوكولاطة”، وخلف من بعدهم خلف صالحوا الفساد الذي دبجوا فيه الخطب العصماء، رافعين أعلام العفو، واستبدلوا بالقصاص ودم المفسدين الحكم والسلطة، ونقبوا في الثرات الغني حتى وجدوا فيه أن مبدأ “عفا الله عما سلف” أسلم لحكمهم وحكومتهم، ثم نقبوا في جيوب الفقراء والمساكين ليكتشفوا أن فيها بقية من “بقشيش” “فساسوه” جيدا بسياسة الزيادات، ولما تبين لهم بعد حين أن ما لديهم نفذ أو لم يعد يكفي مالوا إلى أعمارهم فأخذوا منها خمسة أعوام، وقد لا يكفيهم هذا مستقبلا فيميلون إلى أرواحهم ليأخذوا منها بعض حياة، وإلى الله نشكوا هواننا عليهم.
ولا يبدو الاستاذ محمد ضريف مختلفا كثيرا، إذ بدأ الحياة السياسية بالتصفيق والزغادريد والمرشح الواحد الأوحد، فهل تمخض الجبل ليلد فأرا، هنا نقول لسعادة الأستاذ الكبير إننا لا نرى جديدا في ديمقراطيتك، فبضاعتنا ردت إلينا، ولم نر غير ما عهدناه لدينا منذ زمن، وصار حريا به أن يغير شعاره “قليل من الإديولوجيا كثير من العمل” إلى شعار آخر نقترحه عليه أشد رنينا وأيسر حفظا ورسوخا في الذهن وأنسب لما حدث في المؤتمر التأسيسي وهو “قليل من الإيديولوجيا كثير من الطوطولوجيا” “peu d’ideologie trop de tautologie” أي كثير من التكرار وتحصيل الحاصل.
لست أدري هل سيتوقف الاستاذ ضريف عن تحليلاته السياسية بعدما فقد عذريته العلمية الموضوعية وافتضت السياسة بكارة تحليلاته، فهو لم يعد منذ اليوم محللا سياسيا وإنما سياسيا محللا، ولو قال شيئا من التحيل فسيحلله غيره على أنه يخدم إيديولوجيته القليلة.
نقول للسيد ضريف إن شعاره المقل من الإيديولوجيا المكثر من العمل هو الإيديولوجيا في كامل امتلائها و زهوها وجبروتها، إذ الحزب السياسي ليس شيئا آخر غير الإيديولوجيا التي لا يريد لها الاستاذ الكريم إلا تعريفها الماركسي المرتبط بسياق معين و هو تزييف الواقع، لذا قرر أن يقلل من هذا التزييف لصالح العمل الذي هو عبادة. وحتى لا أكون متسرعا و قد أكون على خطأ فيما قلت سننتظر القادم من الأيام، ربما يعلمنا الديمقراطيون الجدد/القدامى كيف نكثر من العمل ونقلل من الإيديولوجيا اللعينة، وربما يحول هذا الحزب المشهد السياسي المغربي من “مدلج” إلى “معمل”.
ابراهيم الفتاحي

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت