نيلي شيركوفسكي.. شاعر يجمع بين فكاهة شارلز بوكوفسكي والتزام جيل “البيت”

نيلي شيركوفسكي.. شاعر يجمع بين فكاهة شارلز بوكوفسكي والتزام جيل “البيت”

- ‎فيرأي
1796
0

نيلي شيركوفسكي

نيلي شيركوفسكي

تقديم وترجمة الأستاذ الحبيب الواعي

عندما نتصفح جل ما يكتب اليوم عن الشعر العالمي و الأمريكي بالخصوص فناذرا ما نصادف ترجمات أو كتب نقدية باللغة العربية عن الشاعر الأمريكي نيلي شيركوفسكي الذي قدم الكثير للساحة الثقافية الأمريكية إلى جانب شعراء ملتزمين كثر من أمثال جاك هيرشمان و سام هاميل و مايكل روثنبرغ. و يلاحظ أن نذرة المراجع عن حياة نيلي شيركوفسكي و ترجمات كتبه ملفت للنظر في الساحة العربية مقارنة بما قدمته فرنسا و اسبانيا و ألمانيا من مجهود للتعريف بأعمال هذا الكاتب.
ولد الشاعر الأمريكي نيلي شيركوفسكي عام 1945 بمدينة سانتا مونيكا بكاليفورنيا و ترعرع بمدينة سان برناردينو قبل أن ينتقل الى مدينة سان فرانسيسكو سنة 1975 .خلال السبعينات عمل شيركوفسكي مستشارا سياسيا في منطقة ريفرسايد التي انتقل منها الى سان فرانسيسكو ليتولى منصب موظف في ادارة السناتور جورج موسكون. و في مدينة سان فرانسيسكوسيلتحق شيركوفسكي بالحركة الثقافية البوهيمية التي أحدثها شعراء ما بعد “البيت” خاصة بمنطقة نورث بيتش.
ألف شيركوفسكي العديد من الكتب منها سير ذاتية لكل من لورانس فيرلينغيتي وبوب كوفمان وتشارلز بوكوفسكي الذي التقى به أول مرة وعمره لا يتجاوز الخامسة عشر حين أخبر صديق مشترك بوكوفسكي بمدى اعجاب شيركوفسكي بعمله مما دفعه لزيارته و ححد ذلك بمدينة لوس أنجليس حيث كان يقطن شيركوفسكي مع والديه. وشكل اللقاء الأول بداية صداقة عميقة ومناسبة سانحة قدم فيها شيركوفسكي لبوكوفسكي مجموعة من قصائده ليطلع عليها. هذا بالإضافة إلى إشراف شيركوفسكي على إنتاج مهرجان للشعر بسان فرانسيسكو و ساعد على تأسيس تظاهرة شهر فنون المقهى وهو نشاط سنوي يحتفل بالثقافة في الفضاء العام بسان فرانسيسكو.
تقلد شيركوفسكي منصب كاتب في إقامة بكلية نيوكاليج بكاليفورنيا في سان فرانسيسكو حيث درس الأدب والفلسفة هناك إلى حدود عام 2008. و من أشهر مؤلفاته الشعرية نذكر “دليل حب”، “لا تتحرك” ،”تسمية اللامسمى” ،” “حيوان”، “مرثية لبوب كوفمان” و”اتكاء على الزمن” التي توجت بجائزة PEN أوكلاند السنوية / جوزفين مايلز الأدبية عام 2005.
ومن أهم مؤلفات شيركوفسكي النقدية نجد كتابه المعنون ب”أبناء ويتمان الثائرين”(1988)، و هو عبارة عن مجموعة من المقالات تتناول بالتحليل و النقاش اثني عشر شاعرا ممن تعرف عليهم في فترات مختلفة من حياته : مايكل مكلور، جون وينرز، جيمس بروتون، فيليب لمانتيا، بوب كوفمان، ألن غينسبرغ، وليام ايفرسون، غريغوري كورسو، هارولد نورس، جاك ميشلين، لورنس فيرلينغيتي و شارلزبوكوفسكي . و يجمع هذا الكتاب بين أنواع أدبية عديدة منها السيرة الذاتية والقصص الشخصية و النقد الأدبي.
يقول الناقد جيرالد نيقوسيا عن شعر شيركوفسكي: ” ان ما يميز شعر شيركوفسكي في النهاية و يجعله فريدا من نوعه هو غنائيته التي لاحدود لها، و هي موهبة غنائية سهلة و أعظم من أي شاعر آخر ينتمي لجيله”. وفي مقابلة له مع مايكل ليمنيوس صاحب مجلة “بلوز” يتذكر نيلي شيركوفسكي أن معظم الشعراء و الكتاب الذين تأثر بهم ينتمون الى جيل “البيت” أو “جيل الايقاع/ الجيل المهزوم”، الى جانب شعراء كلاسكيين مكرسين من أمثال هومير الذي يعتبره من أعظم الشعراء الذين غيروا حياته و أعادوا تنظيمها. وفي علاقته بجيل “البيت” يؤكد شيركوفسكي بأن الطبيعة الشعبوية لشعر هذه الجماعة و خلوه من تركيبات جمالية معقدة كتلك التي تميز شعر ازرا باوند أو من كثافة المعاني كتلك التي ميزت والاس ستيفنس دفعته الى اعتناق مبادئ جيل “البيت” خاصة و أنها تدعو إلى الثورة على الأعراف. و يعتبر لورنس قيرلينغيتي أول شاعر “بيت” اطلع عليه شيركوفسكي من خلال قراءته لديوانه الموسوم ب”جزيرة كوني ذهنية” و الذي وصفه بكونه ” سحرا مطلقا و مدخلا ترحيبيا إلى بيت الشعر”. و من خلال قراءاته لشعر فيرلينغيتي سيكتشف شيركوفسكي شاعرا أخر و هو ألن غينسبرغ، صاحب ديوان “عواء”، والذي سيكون له و قع صارخ و صدى عميق على حساسيته الجمالية خاصة و أن غينسبرغ جدد على مستوى الإيقاع الشعري، و هي سمة استمدها من مؤسس الشعر الحر بأمريكا والت ويتمان.
كان لي شرف المشاركة بقصيدة و حيدة في انطولوجيا شعر التغيير التي أشرف عليها ديفيد ماكدالين و صدرت بكاليفورنيا. شهرين إلى جانب نيلي شيركوفسكي و الصديق العزيز مايكل روثنبرغ. و بهذه المناسبة يسعدني أن أقدم للقارئ العربي الناشئ و المتمرس بعض قصيد تين لنيلي شيركوفسكي ترجمتهما في الآونة الأخيرة و ستصدران في انثولوجيا أخصصها لشعراء “جيل البيت”.
خلافات
نيل شيركوفسكي

أنا لست ملزما أن أؤمن بشيء ما
فقط لأنك تؤمن به
أو أن أنخرط في القضية من أجل مشاعرك

كان الأمر دائما على هذا المنوال
سرنا في اتجاهات مختلفة
أنت تحمل كيسا من بذور البابايا
وأنا أحمل تصاميم
قنبلة نووية- منخفضة الانفجار-
عبر الوحل

وماذا في ذلك ؟

الآن انتهى بي المطاف على المنحدر الجنوبي
لبرنال هيل
وأنت أصبحت وارثا
لأموال كثيرة
لا تنفقها
على مراكز توزيع الغداء، ثروات تكدسها
في حسابات بنكية عديدة
كي تمجد نفسك

أو ببساطة
تكسب مالا كثيرا
من حلي تافهة خلفتها
أقليات
تسكن تحت أوراق البابايا

ما زلت أشتغل
في الطاقة النووية، ومازلت أتوقع
لحظة مدمرة
أكبر بكثير من العصر الجليدي الأخير

سيكون الأمر
نارا وجليدا، لا شيء
جميل سينتج عنها
سوى أن الفراشة الملكة
قد تجد موسمها المناسب مرة أخرى
قصيدة سجن
قصيدة نيلي شيركوفسكي
ترجمة الحبيب الواعي

كتبت هذه القصيدة من أجل أمريكا حيث بكيت
في أمريكا حيث لم أقدر على النوم
كتبت هذه القصيدة في وطني حيث أحافظ على التشاور
مع الآباء المؤسسين والأمهات المؤسسات
والأحلام التي صنعها الزعيم جوزيف
عندما ألقى سلاحه
جراء الصدمة والرعب
كتبت هذا في أمريكا حيث أجد نفسي
أولد يوما بعد يوم
أبدعت هذه القصيدة في أمريكا في ذاك اليوم الذي عرضوا
جندية تعامل رجلا عراقيا عار كما لو كان كلبا
فقط لأنها تمتلك أسلحة الدمار الشامل
مصوبة سلاحها إلى جسده في سجن بالقرب من بابل
كتبت هذه القصيدة في أمريكا
على خط تجميع من الغضب والاشمئزاز
كتبت هذا حين كان وزير الدفاع
يجلس أمام الكونغرس، كانت الأضواء ساطعة
و لم يكن يقدر على أن يفتح عينيه
كتبت من أجل الحب
ولكن الحب ضاع
كتبت من أجل الحرية
لكنها مجرد كلمة
كتبت من أجل الكرامة
لكنها من نصيب الأغنياء والأقوياء فقط
كتبت من أجل الإله
لكنه لم يكن بالبيت
ليبارك الإله الإله الأخر
الإله الصالح الذي لا يموت
في حمام من الدم
باستمرار
على شاشة واسعة
وقعت في فخ، وقعت في فخ مثل الرئيس
وقعت في فخ موت اللغة
أشعر بالوحدة هناك
أنا أمين حرب أخرى
حرب عميقة من الكلمات
عندما أدلي بشهادتي
الثور الأمريكي يثير فوضى في البراري
المروج تبكي:
“أعد الي وطني”
أمريكا لايمكن أن تختبئ من العالم
لأن غرف التعذيب تفضح
حرصنا
على البحث عن إمبراطورية
أبكي الألفاظ الأمريكية
التي تنسل من رطانة نقية ثائرة
كانت أخاذة فوق الأراضي الزراعية، ذكية
عندما عبر جاك كيرواك جبال الروكي
مواطنون مسرورون بمهابة حجبوا عيونهم بسحب
انغلقت على فولكلور من الأمل
أمنحني قوة الرئيس لنكولن ومارتن لوثر كينغ
صوتين غنيا، نسرين ارتفعا
أبكي العيون الأمريكية
أصرخ من أجل الشعر العراقي
من أجل الفخر العراقي، من أجل رغبة الشعب العراقي
في حياته، في تاريخه العميق
“عيون بسيطة” ترى كل شيء
أين ذهبت بلادنا أمريكا ؟
من البريء على أية حال؟
أريد أن أغطي الرئيس ببوذا
وأحرر حراس السجن
من حياتهم الفارغة و الغاضبة
وأزودهم باللغة
لأنهم جلبوا لنا
منظرا طبيعيا مخيفا

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت