لا يكاد يخلو كتاب تاريخ مغربي من ذكر حاضرة زرهون معقل إدريس الأكبر الذي تسمت به إلى اليوم ، وهي المدينة الصغيرة بمساحتها الكبيرة بمعالمها التاريخية التي تجتذب الزوار من مختلف الجنسيات ناهيك عن الحجاج المغاربة الذين ارتبطوا بهذه البقعة من جبل زرهون منذ زمن .
تراجع تعداد السكان من20 ألف نسمة في سنوات الثمانينات إلى حوالي 12 ألف نسمة الشيء الذي لم يثر استفهام المسؤولين ويجعلهم يبحثون في أسباب الهجرات خاصة وأغلب الساكنة تعيش على الفلاحة كمورد رئيس للرزق فيما تعتمد التجارة على السياح المغاربة خلال فترات معينة ترتبط أساسا بالعطل والموسم المنظم كل سنة تحت الرعاية الشرفية لعاهل البلاد ، وتبقى عائدات الإيواء ابرز ما يستفاد من السائح الأجنبي رغم تناقص الأفواج السياحية واقتصار المنظمين على زيارات لا تفوق مدتها الساعة يرى فيها السائح في عجالة أهم معالم المدينة .
يعاني السكان في حب عظيم لمدينتهم و سكوت عميق يختفي وراء نظراتهم وابتساماتهم من غياب عدد من الخدمات الصحية التي قد تهدد أمنهم كما هو الحال مع ما سماه حسن عاطش، الكاتب العام للغرفة النقابية لصيادلة فاس ” الأمن الصحي” خلال تصريح سابق لجريدة “المساء” ، ففي استخفاف سافر للمادة 111 من الظهير الشريف رقم 1.06.151 صادر في 3 شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بإعمال وتنفيذ القانون رقم 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة والذي يلزم الصيادلة باتخاذ جدول للحراسة الليلية واحترام مواقيت الفتح والإغلاق نظرا لما يمكن لخرق إلزامية الحراسة الليلية أن يتسبب فيه من تطورات صحية خطيرة للمرضى، خاصة المصابين بالربو والسكري وضغط الدم، وهي من الأمراض التي يمكن أن يؤدي التأخر في تناول أدويتها إلى عواقب صحية وخيمة، يمكن أن تنجم عنها حالات وفاة مما يمكن أن يعتبر تجاوزا للمساطر القانونية التي يتبعها الصيادلة بتنسيق مع السلطات المحلية لتأمين الأدوية ذات الطابع ألاستعجالي للمواطنين اذ يرى احد زوار المدينة بعد حاجته القصوى للدواء من اجل ابنته ذات الاربع سنوات ” أن إقدام أرباب الصيدليات على إغلاق الصيدلية في وجه المواطنين أثناء الحراسة والمداومة الليلية بالمدينة، هو استهتار بكرامة وحياة المواطن قبل أن يعتبر مخالفة لقواعد مهنة الصيدلية ونظام مزاولتها التي تستوجب مساءلة تأديبية من طرف الجهات المختصة بالقطاع، فضلاً عن ذلك تدخل ضمن نطاق جريمة عدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خاصة .
وإذا كانت المدينة تفتقر إلى صيدلية الحراسة ليلا، فلأن السكان والمجتمع السياسي والمدني لا يصدحون بمثل هذه المطالب لجعل المعنيين يصححون هذا الوضع الشاذ خاصة أن المدينة تنعم بمستوى عالي من الأمن يجعل العمل الليلي بعيدا عن اي تهديد و ما يجعل الصيادلة بعيدون عن الحياء و الاستحياء وجود مركز صحي ودار للولادة يجعلان من المداومة الليلية شرعة لهما أمام الطلب المتزايد للخدمات الصحية سيما من المداشر المجاورة وما يفقد المستعجلات قيمتها هو طلب الطبيب للمريض أن يأخذ الدواء ليصدم بعد خروجه بعدم وجود صيدلية للحراسة و عليه نسيان كرامته و تسول الدواء من منزل احد الصيادلة عرف بفتح باب بيته ليلا على حسب حالته النفسية .”
أمام هذا الوضع الكارثي لا يسعنا الا الذكرى لعلها تنفع القيمين من الجهات التي تسهر على مراقبة وتتبع عمل هذه الصيدليات التي تجمع الأموال نهارا وتنسى زبناءها المرضى ليلا من الصيادلة أنفسهم قبل السلطة الإقليمية أو المجلس المنتخب .
هوامش :
المادة 111 :
يجب على الصيدلي صاحب الصيدلية ، تحت طائلة الجزاءات التأديبية ، احترام أوقات فتح الصيدلية في وجه العموم وإغلاقها وكذا الكيفيات التي يتم وفقها تولي مهمة الحراسة.
يحدد عامل العمالة أو الإقليم المعني أوقات فتح الصيدليات وإغلاقها والكيفيات التي يتم وفقها تولي مهمة الحراسة باقتراح من المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة.
http://adala.justice.gov.ma/production/html/Ar/149962.htm
عزيز الشجعي