يتواصل اختفاء الشاب: أمربيه أحمد محمود للاسبوع الثالث على التوالي، بعد أن كان قد اختفى أثره في مدينة تيندوف الجزائرية يوم: 18 يوليو المنصرم، و من ذلك الحين لم يعرف شيء عن مكان تواجده قبل الشريط الصوتي الذي سربه من مكان اخفائه، يخبر فيه الرأي العام بأنه موجود في سجن الرشيد التابع للبوليساريو، وهو المكان الذي قضى فيه تحت التعذيب (12 ) فردا من جملة عشرات من قبيلة أهل باركلا في فترة الثمانينات بعد أن تم اختطافهم على الهوية القبلية ( ذوي الاصول الموريتانية كما تقول جبهة البوليساريو)، و لفقت لهم تهمة تكوين شبكة تخريبية مدعومة من فرنسا و موريتانيا التي كان يرأسها محمد خونة ولد هيدالة ( ذي الاصول الصحراوية )، هذا الاخير الذي اعترف في مذكراته أنه لم يكن فقط حليفا للجبهة بل كان يمدها بالمعلومات التي يراها تمس من أمنها:
صفحة 116: “كنا ننبههم على المحاولات التي يقوم بها المغرب بين صفوفهم و الاشاعات حولهم.” الرئيس الذي أكد في نفس الصفحة من مذكراته:.. كانوا يظنون أنهم أصبحوا على وشك إقامة دولة فرأوا أن غالبية الكوادر من الموريتانيين و هم لا كوادر لهم، فتصوروا أنهم إن أقاموا الدولة والموريتانيون ما زالوا معهم سيسيطرون على دولتهم…فاختلقوا ذريعة شبكة الجواسيس لتصفيتهم”
. و كانت جبهة البوليساريو بعد أن انكشفت كذبة الشبكة التخريبية الموريتانية قد افرجت عن ما تبقي على قيد الحياة من معتقلي سجن الرشيد، و اشاعت بأنه أغلق و سويت بزنازنه الارض، و استدعي بعض الوفود الاجنبية لإشهادهم على الموضوع، قبل أن نكتشف هذه الايام من شريط الشاب أمربيه أن حليمة عادت لعادتها القديمة، و لم لا و القادة الذين جاءوا بفكرة دهاليز و مغارات سجن الرشيد في نهاية السبعينات لما يزالوا هم قادة الصحراويين في 2014، و جلاديه ما زالوا يحتلون اعلى المراتب في الجبهة.
تعود جبهة البوليساريو إذا لنفس أساليب القمع و الترويع وفي نفس الامكنة التي ألفتها منذ نشأتها، و كما العادة تبحث دائما عن الحلقة الاضعف لتجعل منها عبرة للآخرين. فكما كان من بين اهداف اعتقال ذوي الاصول الموريتانية في مطلع الثمانينات تبيان بطش قيادة الجبهة لمعارضيها الذين لا تستطيع التنكيل بهم بسبب قوة قبائلهم في المخيمات، هاهي اليوم الجبهة بعد أن تعالت الاصوات المنددة بسياساتها و سلوك رموزها في اوساط شباب المخيمات، تعيد نفس سيناريو الثمانينات مع الشاب أمربيه أحمد محمود البخاري آدة، فلم يشفع له أن عائلته كانت تنتجع منطقة تيرس الصحراوية ولا أنه من مواليد المخيمات ولا أن والده من مقاتلي الجبهة ثم من محافظيها السياسيين. بل ظل هو و أسرته في عين البوليساريو يعتبرون موريتانيين بحكم انتسابهم لقبيلة أهل باركلا التي يعيش غالبية افرادها في موريتانيا. فلو كان اعتقاله بسبب انتمائه لشباب التغيير، فشباب التغيير لم يعلن بعد من أسمائهم غير اسم الناطق الرسمي و هو ينتمي لقبيلة لعروسيين و موجود في المخيمات و سبق أن اجرى عدة لقاءات مع وسائل اعلام بما فيها قناة العربية و لم تتجرأ البوليساريو على اعتقاله لاسباب قبلية. و اذا كان بسبب مشاركته مع خمسة اشخاص آخرين ظهروا معه في شريط اعلان تأسيس جمعية صمود، فلم يعتقل أو يساءل أي من المجموعة غيره و دائما لأسباب قبلية.
و ما كانت جبهة البوليساريو لتستمر و تتمادى في انتهاك حقوق اللاجئين الصحراويين لولا صمت المنظمات و الجمعيات الحقوقية المريب عن جرائمها. فلو أن الشاب أمربيه كان مخفي في المغرب لقامت قائمة العديد من المنظمات التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان و لم تقعد، أما و أن الامر يتعلق بالمخيمات الصحراوية فلم يتحرك أحد. ألأن المخيمات موجودة داخل التراب الجزائري المحصن ضد الانتقاد بهبات البترول الجزائري التي اسكتت العالم عن أزيد من 200 ألف مفقود في سنوات الرصاص التي عاشتها الجزائر فترة التسعينات، فما بالك بحالة شاب بسيط من عائلة متواضعة في المخيمات. أم أن من يعيش في مخيمات اللاجئين الصحراويين ليس لهم حظ من الصفة الصحراوية يستوجب الدفاع عن حقوقهم من طرف المنظمات الدولية، قبل أن يكونوا لاجئين يستحقون قانونا و شرعا حماية مفوضية غوث اللاجئين التي كان الشاب أمربيه من المعتصمين أمام مكاتبها في الرابوني منذ منتصف السنة الفائتة.
إن ما يتعرض له الشاب امربيه من مس بحريته و سلامته البدنية و التشهير به بين الصحراويين إنما هو استمرار لسياسة قيادة جبهة البوليساريو في قمع أي صوت معارض لها، مهما كان السبب الذي تتستر وراءه الجهة التي اختطفته، وستوجه له حتما تهم من قبيل الخيانة و العمالة و التخابر مع العدو، تماما كما حصل معي منذ اربع سنوات حينما أجريت مقابلة صحفية انتقدت فيها قيادة الجبهة، و عبرت عن رأي مخالف لتوجهاتها السياسية. فجريمة أمربيه كما شهد عليها العالم هي انتقاده لقيادة الجبهة في شريط مصور تناقلته وسائل الإعلام أو تشكيله لجمعية حقوقية بمعية مجموعة من شبان المخيمات الصحراوية، و هي قضايا لطالما تباكت جبهة البوليساريو على العالم من أجل أن يحترمها المغرب لسكان الاقاليم الصحراوية ( حرية التعبير عن الرأي و الحق في تكوين الجمعيات )، و يشرف أمربيه كما يشرف كل حر أن يدفع حريته و سلامته البدنية دفاعا عنها، فنشاطه كان علنيا عبر وسائل الإعلام وليس في الظلام كما يفعل سجانيه الذين يريدون اخراسه في ظلمات سجن الرشيد.
المبعد الصحراوي الى موريتانيا: مصطفى سيدي مولود