أكد رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران في مقابلة، خص بها موقع قناة “الحرة”، على أن حزب العدالة والتنمية (إسلامي) لا ينتمي إلى مدرسة الإخوان المسلمين. وأضاف أن حزبه تيار سياسي وليس دينيا ويرفض الخلط بينهما.
وشدد على أن الدين يجب أن يكون بيد الدولة، موضحا أن “بعض الأشخاص أعطوا صورة مرعبة ورهيبة عن الإسلام”.
وأشار إلى أن “حزب العدالة والتنمية ليس حزبا حاكما في المغرب، لأن رئيس الدولة المغربية هو الملك”، مضيفا: “قلت للمغاربة منذ البداية إن أرادوا رئيس حكومة يصطدم بملكهم فليبحثوا عن شخص آخر”.
وهاجم بعض الصحافيين في المغرب قائلا: “الصحافيون ليسوا سواء، بعضهم يشتغل بمهنية وبعضهم يأخذ عمولات ويكتب ضدي تحت الطلب”.
وهنا نص المقابلة:
نبدأ من العلاقات الأميركية المغربية. كيف تقيمون هذه العلاقات على المستوى السياسي والاقتصادي؟
أعتقد أنكم تعرفون أن العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة قديمة جدا. نحن أول دولة اعترفت باستقلال الولايات المتحدة قبل حوالي 200 سنة. ومنذ استقلال المغرب اختار أن يكون حليفا لما كان يسمى بـ”العالم الحر”، والذي تترأسه الولايات المتحدة. وهذه العلاقات كانت جيدة ولا تزال، ومبنية على تحالف موضوعي مستمر إلى اليوم.
من الناحية الاقتصادية، يمكن أن نقول إن العلاقات محدودة، فقد كانت في مرحلة من المراحل لا تتجاوز بضعة ملايين من الدولارات.
على الرغم من وجود اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين..
مع اتفاقية التبادل الحر ارتفعت التجارة بين البلدين، لكن لا تزال محدودة. ربما الجانب الأميركي استفاد أكثر من هذه الاتفاقية، لأنه كان مستعدا. فالدخول إلى السوق الأميركية يتطلب مهارات وكفاءات لا تتوفر بعد لكثير من الشركات المغربية. اليوم أصبحت طريقة تجاوز هذا الاختلال موضوع دراسة.
ولا يخفى عليكم أن المغرب كان من الناحية الاقتصادية متوجه نحو أوروبا، بالخصوص فرنسا وإسبانيا، لكن هذا الاعتناء الأميركي بإفريقيا بصفة عامة وبالمغرب من الناحية الاقتصادية بدأت تظهر له بعض النتائج.
العلاقات مع الجزائر
كيف تجمعون في المغرب بين الغياب عن عضوية منظمة “الاتحاد الإفريقي” (بسبب الصحراء الغربية) والاحتفاظ بدور مؤثر في إفريقيا؟
علاقة المغرب بإفريقيا ليست وليدة اليوم وليست وليدة منظمة الاتحاد الإفريقي. إنها علاقات عريقة ومتينة، لأنها مبنية على الجانب الروحي، فنصف القارة الشمالية كانت على علاقة بالمغرب من خلال الطرق الصوفية، ولهذا فرغم مغادرة المغرب منظمة الاتحاد الإفريقي فمكانته في إفريقيا كبيرة.
خلال السنوات الأخيرة بدأ هناك تساؤل عن هذا الوضع غير الطبيعي (غياب المغرب عن الاتحاد الإفريقي). فالمنظمة اتخذت موقفا غير معقول وغير موضوعي بسماحها بدخول دولة غير موجودة من الناحية العملية إلى صفوفها (جبهة البوليساريو). وكان وراء دخولها أشخاص معروفون بعدائهم للمغرب. نحن ننتظر أن يُصحح هذا الوضع لنرجع إلى عضويتنا في المنظمة.
إذن عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي مرهونة باستبعاد البوليساريو من صفوفها؟
قرار مغادرتنا المنظمة كان قرارا مغربيا. لم يكن من المنطقي أن تكون هناك دولة تدعي الوجود على حساب المغرب، بينما المنتظم الدولي لم يحسم في هذا الأمر بعد. هذه الدولة غير موجودة عمليا، هي موجودة فقط على أرض الجزائر.
انتقدتم مرارا الجزائر لرفضها فتح الحدود مع المغرب. لماذا إصرار الجزائر على موقف تجاهل دعواتكم بفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الجارين؟
صحيح ليس لدينا نفس التاريخ، فقد عشنا في المغرب بطريقة مستقلة وهم خضعوا لنفوذ الشرق (الإمبراطورية العثمانية) وفرنسا قبلنا بعقود. لكن نحن والجزائريون إخوة. يجب أن تكون علاقتنا قوية.
الجزائر تتذرع بحدث وقع في 1994 بعد هجوم شخص جزائري أو مدفوع من الجزائر على فندق في مدينة مراكش وإغلاق المغرب حدوده مع الجزائر آنذاك. هذا حدث قبل 20 سنة. هل مسموح بين دولتين جارتين وشعبين شقيقين متلاحمين أن يستمر قطع الرحم؟ هذا غير طبيعي. أوروبا تسمح بمرور الأشخاص والبضائع ونحن نريد أن يكون لنا توازن مع القارة الأوروبية بينما لا أستطيع (مثلا) السفر إلى الجزائر براً.
إذن ما هو مطلبكم من الجزائر الآن؟
نحن لا نطلب من الجزائر شيئا. نطلب منهم فقط أن يحكّموا العقل والمنطق والمبادئ التي تجمعنا ويتصرفون وفقها. ولو فعلوا هذا لفتحوا الحدود اليوم قبل الغد.
“الاستثناء المغربي”
هل ترى أن المغرب شكل فعلا استثناء في سياق ما يعرف بالربيع العربي وأصبح نموذجا في التغيير في إطار الاستقرار؟
في حقيقة الأمر المغرب استثناء في العالم العربي والإسلامي منذ فجر التاريخ، ونحن نعيش بطريقة مستقلة منذ 12 قرنا. نحن لم نخضع للخلافة العباسية ولا العثمانية، وكان لنا مسارنا وتاريخنا الخاص. ومنذ الاستقلال 1956 وصلتنا من الشرق تيارات كثيرة (يسارية، قومية، إسلامية متشددة) عشنا معها وتعاملنا معها بطريقتنا الخاصة واستفدنا منها وعانينا منها، أيضا، ولكن في حدود.
فيما يخص الربيع العربي، فقد انفجر الوضع بعد أن فقدت الشعوب الثروة والكرامة. وهذا الانفجار حدث في المغرب لكن بمقدار. والشارع فضل التغيير في إطار الاستقرار وليس المغامرة بالنظام. وقد استجاب جلالة الملك محمد السادس بطريقة سريعة وراقية. منذ ذلك إلى اليوم والشارع المغربي هادئ ومستقر.
إجمالا، الديمقراطية التي نعيشها يمكن أن تُنتقد، لكن تثير فضول الناس ويتابعونها. والتجربة لا تزال مستمرة.
كيف هي علاقة إسلامي حزب العدالة والتنمية (الحاكم) مع الملك محمد السادس؟
حزب العدالة والتنمية ليس حزبا حاكما في المغرب. هذا خطأ. نحن حزب يترأس الحكومة فقط، ورئيس الدولة المغربية هو جلالة الملك، وفي نفس الوقت هو أمير المؤمنين، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية. فالصلاحيات الأساسية للحكم توجد بيد المؤسسة الملكية. نحن نترأس الحكومة ولدينا صلاحيات محددة في الدولة.
وكيف هي علاقتكم مع الملك؟
علاقتنا جيدة جدا مع الملك، ونحن مقتنعون بشيء: الملكية في المغرب هو شيء تقليدي وقديم. هذه الأسرة حكمتنا لمدة أربعة قرون. المغاربة معجونون مع الملكية. يفهمونها ويستوعبونها كنظام لهم.
ولا يمكن أن ينجح المغرب بدون تعاون بين المؤسسة الملكية والبرلمان والحكومة. وهذا هو توجهنا: أن تكون علاقتنا مع المؤسسة الملكية على أفضل ما يرام، وخصوصا أنا.
لقد قلت للمغاربة بكل وضوح منذ أن عينني جلالة الملك، إذا كان المغاربة يبحثون عن رئيس حكومة يصطدم بملكهم بسبب الصلاحيات وبغيرها فليبحثوا عن شخص آخر. أنا لا أصلح لهم إذن. لا يعني هذا أننا لا نراجع الملك. نحن نراجعه ونتحدث معه.
هل يعني هذا انتقاد إجراءات أو سياسيات الملك مثلا؟
لا هذا لا يصلح. الكلام بيننا مع الملك يتم بالأدب اللازم وفي إطار ودي، والحمد لله الأمور كلها تسير بطريقة جيدة.
ربما لهذا السبب تتهمكم أوساط إعلامية بالتنازل عن صلاحيتكم الدستورية لصالح المؤسسة الملكية؟
صحيح هذا كلام كثير، لكن حين أذكر الصحافيين أنه الملك رئيس الدولة وأن صلاحياته واضحة في الدستور لا يجدون جوابا. وأنا على كل حال أقول: النصوص مهمة، لكن روح العمل الودي مع جلالة الملك أهم بكثير من أن يكون النص لهذه الجهة أو للأخرى.
وجلالته حسم كثيرا في مسائل وقع فيها الخلاف لصالح الدستور وصلاحيات رئيس الحكومة. كانت عادتنا مثلا أن وزارة الداخلية هي المشرفة على الانتخابات، لكن هذه المرة بعد وقوع خلاف قام جلالة الملك وحسم الأمر لصالحي.
لماذا أصبحت علاقتكم متشنّجة مع الصحافة المغربية مؤخرا؟
أنا شخصيا ليس لدي أي مشكل مع الصحافة، لكن حين أرى بعض الصحف والصحافيين يروّجون أخبار غير صحيحة لا أفهم وأنزعج وأرد عليهم. يقولون: لماذا يرد علينا رئيس الحكومة يجب أن يكون مترفعا عن الرد. وأنا أقول: سأرد عليكم.
بعض المواقع الإلكترونية اتخذتني مؤخرا خصما لها وبدأت تحاول أن تشوّه الصورة بأي وسيلة، لكن الصحف التي تنتقدني (ولو بشكل قاس أحيانا) بنوع من الانصاف أتفاعل معها ولا أنزعج أبدا من انتقاداتها.
على الصحافة الخروج من الغرور، فالصحافة ليست مقدسة. الذين يشتغلون في هذه المهن أشخاص يصيبون ويخطئون. بعضهم نيتهم سيئة وآخرين نيتهم حسنة. بعضهم يأخذ عمولات ويكتب تحت الطلب. وبعضهم يشتغل بمصداقية ومهنية. الصحافيون ليسوا سواء.
هذه اتهامات كبيرة . هل هي موثقة؟
بعض الصحافيين يأتون ويعترفون بهذا ويشتكون أحيانا مما أسلفت القول. المهم عندي هو التالي: إذا كانت بعض الصحف تعطي لنفسها الحق في مهاجمتي فلتعلم أنه من حقي الدفاع عن نفسي أيضا.
تتهمكم جمعيات حقوقية بكبت الحريات والاستمرار في الاعتقال السياسي رغم الإصلاحات. هل هذا موجود فعلا؟
المغرب ليس هو سويسرا. هذا صحيح. لكن أتحدى أي شخص أن يخرج ويعطينا حالات عن شخص نزل إلى الشارع وعبر عن رأيه وتم اعتقاله. بطبيعة الحال حينما يتم خرق القانون، فهذا شيء آخر. والمغاربة يكتبون وينتقدون من بدا لهم، خصوصا رئيس الحكومة الذي ينال النصيب الأكبر من هذه الانتقادات.
ألا توجد اعتقالات سياسية في المغرب؟
الاعتقالات السياسية بسبب قناعات سياسية غير موجودة. لكن هناك أشخاص لديهم أفكار سياسية ويقعون في مخالفات ويدخلون السجن، وهذا بطبيعة الحال موجود.
في الخطاب الأخير للملك نبرة جديدة في حديثه عن الفساد وعن غياب تقسيم عادل للثروة. هل تعتقد أن الملك يقدم نقدا ذاتيا لحصيلة 15 سنة من حكمه؟
نعم هذا صحيح. الملك تساءل هل تصل ثمار الأوراش التي بدأها قبل 15 عاما، ورُصدت لها ملايير الدارهم، إلى المواطنين بطريقة معقولة أم تقتصر على شريحة معينة فقط؟
جلالته اعترف بطريقة فاجأت الجميع بأن نتائج هذه البرامج لا تستفيد منها كل الشرائح بالشكل المطلوب. وهذا صحيح.
خطاب الملك يظهر أن جلالته لا يدافع عن أي شيء. وهي إشارة قوية لإعادة التوازن للمجتمع المغربي.
إسلاميو المغرب وإخوان مصر
هل لكم علاقة بالإخوان المسلمين؟
لا أبدا. لم ننتمي في يوم من أيام حياتنا لهذه المدرسة كتنظيم.
لا توجد أي اتصالات بينكما؟
دائما نلتقي في المؤتمرات وغيرها، لكن أن يكون لنا انتماء للتنظيم فهذا لم يكن موجودا. نحن حركة نشأنا في المغرب بطريقة مستقلة وباجتهادات خاصة في مختلف المجالات. أبدا لا ننتمي إلى تنظيم الإخوان. إطلاقا.
ما تقييمكم لفترة حكم الإخوان في مصر؟
تلك مرحلة انتهت. الناس الآن في محنة، وأنا لا أريد أن أتحدث في هذا الموضوع، لكن يمكن أن أشير إلى أن تقييم هذه المرحلة سيأتي بعد أن يتضح بالضبط ما الذي وقع. تعرفون أن المهم بالنسبة للدول هو الخروج من الأزمات التي تعاني منها، وهذا ما نتمنى اليوم لمصر.
هل هناك نصيحة تريد أن تسديها كرئيس حكومة المغرب وكرئيس تيار ديني لإخوان مصر؟
أولا نحن لسنا تيارا دينيا، نحن تيار سياسي. عندنا مرجعية إسلامية لكن لسنا تيارا دعويا، ونشعر أن دورنا هو معالجة الاختلالات السياسية، وليس الدينية. المجال الديني على مستوى الدولة ينفرد بالقرار فيه جلالة الملك، لأنه أمير المؤمنين، وهذا عندنا منذ قرون. نحن كحزب لا نتدخل في الإشكال الديني.
وما هي نصيحتكم للإخوان؟
لا سامحني. كرئيس حكومة في دولة منفصلة لا يمكن أن أقدم أي نصيحة لجهة أخرى.
لكن أنت ذكرت أنه يجب تجاوز المرحلة الراهنة في مصر..
أنا قلت بأن مصر هي مصر. هي الدولة المصرية. شعبها شقيق كل ما نرجوه هو أن تتجاوز هذه الأزمات وتخرج من الأزمة بسلام لصالح كافة أبنائها.
بنكيران واليهود
هل تعتقد أن هناك تيارات دينية أساءت للإسلام والمسلمين في الغرب؟
في كل التيارات في العالم، هناك جهات معتدلة ومتطرفة. في عالمنا العربي والإسلامي حيثما وجدت الديمقراطية والحرية يصبح صوت التيارات المعتدلة مسموعا، وحيثما وجد التضييق تتعرض التيارات المعتدلة للتهميش ويفتح الباب للمجهول.
يجب أن تكون مسؤولية الدين في رقاب رؤساء الدول. ومن مسؤوليتهم الوقوف في وجه من يسئ إلى الدين والمسلمين. صحيح أن بعض الأشخاص أعطوا صورة مرعبة ورهيبة عن الإسلام، لكن على الدول والحكومات تحمل مسؤوليتها في التأطير الديني الصحيح.
ما هو وضع اليهود في المغرب تحت ظل حكومة يترأسها حزب إسلامي؟
اليهود سبقوا المسلمين إلى المغرب. تواجدوا في المغرب منذ ألفي سنة تقريبا، والمسلمون منذ 14 قرنا. المسلمون رغم بعض الاحتكاكات جعلوا مسؤوليتهم حماية الأقلية اليهودية. قبل استقلال المغرب كان 10 في المئة من الساكنة يهود.
لما فر المسلمون واليهود من الأندلس لم يجدوا مستقرا غير المغرب. يعيشون بشكل طبيعي وكانت في كل مدينة حارة لليهود نسميها “الملاح”. لما هاجروا إلى فلسطين بقيت نسبة منهم تعيش في أحسن الأحوال متفاهمين مع باقي الساكنة. تبلغ نسبتهم اليوم خمسة آلاف شخص فقط. شخصيا علاقتي بهم طيبة جدا باعتبارهم مواطنين مغاربة.
تعليق واحد
**LEMBIRIKOVICH**
في سنة 1994 لم يغلق المغرب حدوده البرية مع الجزائر و لكن فرض تاشيرة الدخول الى المغرب على الجزائريين و هذا ما لم تستسغه الجزائر انذاك و هي من اغلقت الحدود البرية. و لم تعامل المغرب بالمثل. حيث كان من الممكن ان تفرض هي الاخرى تاشيرة الدخول الى ترابها على المغاربة. لكنها تمادت و اغلقت الحدود. حيث بقيت مغلقة الى اليوم رغم خطابات صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي طالب غير ما مرة من فتح الحدود و فتح صفحة جديدة في مسار المغرب العربي الكبير. لكن التعنت الجزائري هو السائد لحد الاي. و هذا للتاريخ يا سيدي رئيس الحكومة المغربي حتى ننصف الحكومة التي بادئت بفرض الفيزا عن الجزائريين ولربما كان المسؤول عن الدبلوماسية المغربية انذاك بلقزيز او الفيلالي. لست اتذكر……