ارتهنت الديبلوماسية المغربية إلى الانتشاء بالانتصار الديبلوماسي النسبي الذي حققه المغرب بتصويت مجلس الأمن الدولي في الأنفاس الأخيرة من شهر أبريل المنصرم على تمديد وجود بعثة الأمم المتحدة في الصحراء لسنة أخرى مع استبعاد أية إمكانية لإدراج مراقبة أوضاع حقوق الإنسان ضمن مهام هذه البعثة، وربما زادت من انتشائها بإعلان الأمين العام للأمم المتحدة عزل رئيس هذه البعثة الذي لم يكن في يوم من الأيام يخفي تعاطفه وانحيازه للطرف الآخر، كل هذا الانتشاء قد لا يكون له من مبرر مادامت الحكومة تنأى بنفسها عن الإشتغال في عمق ملف وحدتنا الترابية وتتخلى عن دورها عن طواعية لجهة أخرى، ولنا أن نسأل رئيس الحكومة مثلا كيف تم تعيين ممثل المغرب بالأمم المتحدة، وأتمنى أن لا يكون الجواب أنه أطلع على الخبر في وسائل الإعلام على غرار باقي المغاربة.
والدليل أن الحكومة تتعامل مع هذا الملف بتردد كبير وحيطة شديدة إذ أنه مقابل النشوة العارمة التي عبرت عنها في كثير من وسائل الإعلام، هناك ضربات أخرى توجه ضد المغرب في هذه القضية بالتحديد، لكن الديبلوماسية المغربية أكدت عجزها على التصدي لهذه الضربات، ولعل المسؤولين عن هذه الديبلوماسية يعلمون التفاصيل جيدا.
فهم يعلمون مثلا أن مجلس الشيوخ الكولومبي صادق بإجماع أعضائه على مقترح يطالب رئيس كولومبيا خوان مانويل سانتوس بإعادة العلاقات كاملة مع جمهورية البوليساريو، كما ألحوا في توصية حملت رقم 2014/160 على تنشيط العلاقات الثنائية بين الطرفين، كما طالب المقترح من الرئيس «بالمرافعة عن احترام حقوق الإنسان في الصحراء الغربية» ويذكر أن جمهورية كولومبيا كانت قد اعترفت بجمهورية البوليساريو سنة 1985 قبل أن تسحب اعترافها بها سنة 2001.
ولعل مسؤولينا على الديبلوماسية يعلمون أيضا أن أعضاء من مجلس الشيوخ الأمريكي طالبوا كاتب الدولة في الخارجية الأمريكية «العمل من أجل ضمان احترام حقوق الانسان في الصحراء الغربية»، ويتعلق الأمر بأعضاء لهم وزنهم في هذه المؤسسة التشريعية إذ يوجد ضمنهم كل من ماتريك ليهي وهو رئيس لجنة الاعتمادات المالية بالمجلس وجيمس انهوف رئيس اللجنة القانونية بهذه المؤسسة.
ولعل المشرفين على ديبلوماسيتنا انصتوا جيدا لما صرحت به السيدة فالنتينا ماتيفيانكو رئيسة المجلس الفيدرالي للجمعية الفدرالية الروسية، حينما عبرت خلال زيارتها الأخيرة للمجلس الوطني الجزائري عن أسفها «إزاء إزدواجية المعايير»، التي عزت إليها عرقلة ماسمته «بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره»، كما أنها لم تبخل في الجود بما أراده زميلها رئيس المجلس الوطني الجزائري الرجل القصير القامة السيد محمد العربي ولد خليفة في بيان مشترك حفل بالتضامن مع البوليساريو وبالإساءة إلى المغرب.
وأنا على يقين أيضا أن ديبلوماسيينا في حكومة تتلذذ بافتعال الصراعات والنزاعات مع شركائها السياسيين والإعلاميين والحقوقيين والنقابيين في الداخل وليس مواجهة الخارج، يعلمون ما أقدم عليه برلمان إسلاندا وبرلمان اشيلي، وما أقدم عليه مجلس الشيوخ الإيطالي من دعم كبير وواضح لجبهة البوليساريو الانفصالية، كل هذا ينغص على الرأي العام الوطني ما تحقق في الأمم المتحدة، لأن مايحدث الآن هو زرع هادئ لبذور قرار أممي جديد، واستنبات دقيق لشروط فهم أممي جديد لتطورات قضية وحدتنا الترابية، لكن هل تقدر حكومتنا حجم هذه المخاطر… نأمل في ذلك وإن كان الجواب ليس بهذه البساطة والسذاجة.