توفيق بوعشرين
“تْكرْفيصَة” جديدة و كبيرة، بقدر “التكرفيصة” التي كان قد تلقاها قبل أسابيع على يد قيادي حزب “البام” حكيم بنشماس، دون أن يرد عليه لحد الساعة، تعرض إليها “الزميل” بوعشرين، مدير يومية “أخبار اليوم المغربية”، وهذه المرة، من خلال رسالة وجهها إليه، الدكتور يحيى بن الوليد، الأستاذ الجامعي بطنجة، على خلفية خبر نشرته الجريدة يوم الاثنين 21 أبريل، لصالح رئيس المجلس الجماعي لمدينة أصيلة محمد بنعيسى، دون أن تنشر الجريدة سطرا واحدا عن وقفة وطنية حول الفساد نظمت بالمدينة يوم السبت الماضي وشارك فيها آلاف من ساكنة الميدنة.
وتأسف بن الوليد، في الرسالة، التي بعث بنسخة منها إلى الموقع أن يكون “الزميل” بوعشرين “طرفا بارزا في الجريمة”، الممارسة على مدار 33 سنة ضد مدينة أصيلة، وهي المدة التي قضاها كاملة بنعيسى كرئيس لمجلسها الجماعي.
وهذا نص الرسالة كاملا :
أصيلا: الأكاديمي والجامعي يحيى بن الوليد يراسل توفيق بوعشرين
ويطالبه بالكف عن التواطؤ مع الفساد؟
السيد الموقر توفيق بوعشرين، ولأني لا أود، مراسلة “نكرة”، وللأسف في جريدة مكرسة، وصار بدوره “علامة” (ومعكوسة طبعا على أصيلا)، وبالنظر أيضا لـ”حسك السياسي المزعوم” تجاه الغالبية العظمى من “الرموز السياسية” عدا عميد “حيتان النهب والفساد” بأصيلا والمغرب بصفة عامة، فإنه، ومن باب “أداء المثقف المحلي”، يهمني أن أقف على كيف تمّ تلخيص أصيلا “البريئة”، وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وبشكل مفضوح، ومن قبل “جريدتكم”، في “تاجر للمخدرات” (هكذا) وفي الصفحات الأولى لجريدتكم التي كان من المفروض أن تلتزم القدر المطلوب من الحياد والمهنية، وألا تسقط في تشابه المراسلات، ولـِـمَ لا الانخراط في تعرية حيتان النهب والفساد. والأفظع في اللعبة برمتها عدم الإشارة، ولو البسيطة، لما كبـَّده هذا المناضل لـ”فرعون أصيلا” (المحاصـَر) من مرارة ــ فولاذية ــ وإلى الحد الذي جعل هذا الأخير لا يقوى، وعلى مدار عامين، على حضور دورات المجلس الجماعي الذي نصـَّب نفسه عليه، وعلنا، “رئيسا أبديا”، بل وجعله لا يقوى على السير طليقا كما عودنا من خلال عنترياته السابقة.
وهذا المناضل، كذلك، واسمه الكامل: الزبير بن سعدون، والذي كان لاعتداء الإعلام دوره في تهجيره من أصيلا، تضامنت معه، ومن قبل ومن بعد، جميع، أقول جميع، ألوان الطيف السياسي والمدني بالمدينة جنبا إلى جنب هيئات حقوقية وسياسية مركزية. دون أن تقوى جريدتكم على نشر بيان واحد من هذه البيانات النارية المتضامنة معه والمشيرة ــ في الوقت ذاته ــ وبشجاعة ــ إلى وقوف فرعون أصيلا وراء ما كان يعدّ له. واللافت أنه كلما كان يتعرض لـ”اعتداء إعلامي” إلا وازدادت دائرة التضامن معه اتساعلا واشتعالا… وإلى الحد الذي أفضى، وفي أوّل سابقة في تاريح مناهضة الفساد بالمغرب، إلى تشكيل جمعية وطنية لمحاربة الفساد في أصيلا ــ تعيينا ــ بعد أن قطعت على نفسها تعرية ملفات الفساد بأصيلا والإنصات لضحايا طاغية أصيلا. ملفات ما أكثرها وعلى تداخلها الأصعب. وفعلا حطـّت القافلة بأصيلا يوم السبت: 19 أبريل، وكانت وقفتها ناجحة بجميع المقاييس على الرغم من الحصار الأمني الكثيف وعلى الرغم من “الندوة التاريخية الوهمية” التي من خلالها تمّ النصب على “شهيد المغرب” واستدراجه لتلميع صورة طاغية افتضح أمره رغم شرائه للإعلام المكتوب.
والظاهر أن طاغية أصيلا، وبحكم قوة “المال”، الذي يحصل عليه باسم كرامة المدينة وعلى حساب مشاكلها الاجتماعية الحقيقية، والذي يعلم، وبمفرده، مصادرها، استطاع أن “يكسب” فريقا بكامله من “الإعلاميين” ومن “المثقفين”، بل واستطاع أن يستدرجه إلى حيث يشاء، بل وتجاوز كل ذلك حين تمكـَّن من أن يؤشر على تغطيات بعضهم قبل أن يتم الإبراق بها إلى “المعامل المعهودة”؛ مما جعل التغطيات متشابهة فيما بينها، ومع فارق في الدرجة لا في النوع. هذا عدا استثناءات قليلة، وقليلة جدا، ممن احتكمت إلى ضميرها المهني فغادرت في الحين… ذلك أن “طعام معاوية”، ورغم دسامته، عابر وزائل… والأهم فاسد كما كتبت في مقال قبل سنوات أرغى وأزبد له طاغية أصيلا بشكل منقطع النظير.
السيد بوعشرين لست وحيدا في المربع. غير أنك بالغت في تثبيت “الصورة ــ الإطار” وفي توسيع دوائر “مرض الاستعراء السياسي”. وفي هذا السياق، وعلى فترات، سوّقت، لنا جريدتكم، عن “الأمين العام للأمم المتحدة”، وعن “المبعوث الأممي” إلى سوريا الدموية في البدايات، وعن “الأمين العام للجامعة العربية”، وعن “شخصية السنة في الإمارات”، وعن “الفنان المصور”، وعن “المحاضر حول الربيع العربي في أكسفورد”، وعن “الوفد القطري الذي استقبل بالثمر والحليب في أصيلا” (في حي هامشي)… مع أنه استقبل بالطرد والحجارة. وهذا لكي لا تفوتنا الإشارة إلى الشعار الذي كتب، وبالأحمر، على جدران المركز، وقبل أسابيع فقط، والذي تمّ فيه تسمية الطاغية تسمية مرفوقة بـ”ارحلْ”. ومن خارج الإعلام الاجتماعي لا أحد أشار إلى الخبر. وأما العقار، وأما التلاعب بالقانون من أجل النهب والسرقة الموصوفة، فهو ما يحتاج إلى “ابن جني” من نوع خاص لفك طلاسمه. إن الملاحظ لا يمللك إلا أن يأسف على الانتقام، المرضي، من المدينة ومن ساكنتها، وعلى النحو الذي يعمـِّق من سِؤال حول ما إذا كانت أصيلا داخل المغرب أم خارجه؟
السيد بوعشرين. “يؤسف” أن تكونوا طرفا، بارزا، في “الجريمة”. وبكلام موجز: في حال أصيلا مارس الإعلام، المكتوب، جرائم شتى يمكن تلخيصها في “الإضراب المقصود عن قول الحق”. ومن هذه الناحية كم كنـَّا نأمل أن يحتكم إعلاميونا الأجلاء إلى “الضمير المهني” فقط، وأن يعرضوا لـ”الخبر” فقط وفي منحاه الظاهري لا أكثر. أصيلا مختبر حقيقي للصحافة والصحافيين؟ والأمل موصول بأن تحظى رسالتي، هاته، بمكانة، مكانة فقط، في جريتدكم.