فرنسا الإهانات

فرنسا الإهانات

- ‎فيرأي
1015
0

حميش بنسالم حميش

في ظل حكومة يقودها «البيجيدي»، تشاء أقدار نحسة أن تنزل بالمغرب -وامعتصماه!- إهانات فرنسية، الواحدة تلو الأخرى؛ فما حصل لوزيرنا في الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، من إهانة خُص بها في مطار روواسي شارل ديغول يوم 26 مارس الماضي، بالرغم من تلويحه بجوازه الدبلوماسي، (ما حصل) لا يجوز اعتباره مجرد حدث شبيه بالمنوعات العابرة، اللهم أن نكون بلغنا الدرجة القصوى من التجرد عن أنفتنا وكرامتنا؛ وذلك لا يجوز بلعه، فهضمه، بفعل اعتذار من نظير وزيرنا، كأنما القواعد والأعراف الدبلوماسية غير مسطرة ومعمول بها عالميا، والحال أنها قائمة ومرعية وتقضي بتقدير مقام وزير زائر أو عابر واستضافته في قاعة الشرف، معززا مكرما. ولو حصل للوران فابيوس مثلُ تلك المعاملة المهينة في المغرب (وهذا من رابع المستحيلات)، أو في أي قطر آخر، لأقامت فرنسا الدنيا ولم تقعدها.
لا، لا يجوز البلع والهضم، ولاسيما أن الإهانة أعقبت أفعالا وأقوالا فرنسية مشينة في حق المغرب، نوجز التذكير بعناوينها: قضية السيد عبد اللطيف الحموشي في باريس على باب سفارتنا؛ تصريح سفير فرنسا في هيئة الأمم المتحدة بنيويورك مشبها المغرب بعشيقة يلزم إرضاؤها ولو على مضض؛ علاوة على خيوط عنكبوتية أخرى لا تخطئها عين الخبير الراصد المحلل، منها على سبيل المثال فقط: تـَلتـِينُ (بالحرف الفرنسي) شوارعنا وفضاءاتنا المدينية؛ مطالبة عيوش ومتعيشيه بإحلال الدارجة محل العربية في سنوات التعليم الأولى؛ السعي إلى توطين نظام الباكلوريا الفرنسية في المغرب، والبقية تأتي. هذا وإن الأوساط الفرانكفونية عندنا في مجالات المال والأعمال والإعلام والثقافة لا تحتج بل لا تحرك ساكنا، إما معتبرة أن تلك أمور غير ذات شأن أو خوفا من إثارة حفيظة حماتهم الراعين لمصالحهم مقابل خدماتهم ووفائهم. وحتى مثقفو تلك الأوساط، المفترض أنهم أحرار وأهل فكر وإدراك، لا أحد حفزته مواطنته (إن كانت له حقا) على التعبير عن مواقف تنم عن غيرة على شرف بلده وحقوقه، لا ولا حتى الشاعر العرائضي، اللابي صاحب «مغرب آخر» الموضوع على مقاس تخطيطات الجهات واللوبيات الفرنكو-مغربية وانتظاراتها. والأدهى من ذلك والأمرَّ أنك إذا التفتَّ إلى شرائح المغاربة لغةً وثقافة، لا تجد في صفوفهم المنظمة إلا قلة تستنكر ما يلحقنا من فرنسا الاستكبار والعربدة وخدام أعتابها المغاربة من ضربات وإهانات، يعتقد موجهوها أن وخزاتها ضرورية للتذكير والتأكيد على أن المغرب يلزم أن يظل داخل منطقة النفوذ الفرنسي، يدين بالاصطفاف والولاء، وإلا فقضية صحرائه ستصير على كف عفريت، وإلا فالميل كل الميل سيكون إلى خصيمته الجزائر، الغنية بالنفط والغاز الطبيعي.
إن الدوائر الفرنسية المسؤولة والمتنفذة (كما في الجزائر) لم تكن لترتاح إلى الزيارات المكثفة التي قام بها الملك محمد السادس خلال شهر مارس لبلدان إفريقية جارة، وأرادها زيارات عمل وعقد اتفاقيات ثنائية حول مشاريع تنموية مشتركة، يشرّعها، كما ورد في كلمات ملك المغرب، كون البلدان الإفريقية مستقلة، وأن القارة السمراء غنية بخيراتها ومواردها الطبيعية والبشرية، وأن شعوبها هي الأحوج والأولى باستغلالها والانتفاع بها لما فيه نماؤها وتقدمها.
هذا وإن زيارة الملك المرتقبة للصين الشعبية لتؤكد بدورها على حق المغرب في ممارسة خياراته السيادية وتنويع شراكاته وتمتينها والسعي قدر الإمكان إلى تكثيفها وعولمتها، بعيدا عن العلاقات الحصرية والاستحواذية.
فهل بين الشقين الأول والثاني في المقال من رابطات وخيوط واصلة متفاعلة، بعضها ظهر جليا، وبعضها مازال في طيِّ الخفاء؟ سؤال يحسن التفكير فيه والحوار حول متنه ونواحيه… وللحديث صلة.

بنسالم حـمـِّيش

‎تعليق واحد

  1. test test test

  2. تأكدوا أن الغرب يحتقرنا ونحن نبجلهم تبجيل العلماء في زمن العلم . فرنسا قتلت أجدادنا أيام الحماية وعذبتهم في السجون والمعتقلات. فرنسا تحقد على العرب والمسلمين أكثر مما تتصورون .

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت