رصد موقع “ورلد بولتيكس ريفيو” المعنى بنشر تحليلات حول الشئون الدولية، الأسباب التى تجعل قطر تدعم الإخوان الإرهابية، وتساءل حول ما يمكن أن يفعله مقامر عندما يدرك أن الحصان الذى راهن عليه “خاسر“. وفى تقريره عن أسباب دعم الدوحة للجماعة، وما أثاره ذلك من غضب دول الخليج الأخرى، أشار الموقع إلى أن البعض فى هذه الحالة قد يتراجعون رهاناتهم، بينما يمضى آخرون قدما فيها، بل ربما يضاعفون الرهان على أمل أن يفوزوا فى النهاية، وقد اختارت قطر الأمر الثانى فى رهانها الذى يحمل مخاطر كثيرة لدعم الإخوان المسلمين، فمع خسارة الجماعة بشكل دراماتيكى بعد سلسلة الانتصارات التى حققتها منذ الربيع العربى، فإن قطر ملتزمة باستراتيجية وتدفع ثمنا يرتفع بشكل متزايد لترددها إزاء تغيير هذا النهج. وتسائل التقرير:” لماذا لا يزال نظام قطر يدعم الإخوان، فقد نفذ صبر جيران الدوحة فى الخليج إزاء احتضانها للجماعة الإسلامية، وقد ولت أيام الدبلوماسية الهادئة بعدما أعلنت السعودية والإمارات والبحرين عن سحب سفرائهم من قطر وتبعتهم مصر“. وأضاف:” كما أن دول الخليج غاضبة من قطر بسبب شبكة الجزيرة التى تتيح للشيخ يوسف القرضاوى، الداعية الإخوانى أن ينتقد بانتظام أنظمة مصر والسعودية والإمارات“. وطلب جيران قطر فى الخليج منها أن تتوقف عن دعم الإخوان ، وهو ما رفضته بشدة زاعمة أن أحد مبادئ سياستها الخارجية هو دعم مطالب الحرية والعدالة فى العالم العربى. ويمضى التقرير فى القول بأن القرار الذى اتخذه قبل سنوات أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثان، ورئيس وزرائه الشيخ حمد بن جاسم بن جابر ال ثان بدعم الإخوان بدا وكأنه رهانا محفوف بالمخاطر، فالإخوان طالما كانوا راغبين فى قلب الوضع الراهن فى العالم العربى، وهو الذى كان مفيدا للغاية لنظام حكم العائلة فى قطر، والذى يشبه فى نواح كثيرة الأنظمة التى سعى الإخوان لكى يحلوا محلها. وكان “حمد” يعتقد على ما يبدو أنه يستفيد من قوة متجهة للنجاح فى جميع أنحاء المنطقة، ومن ثم حماية إمارته من غضب الإخوان وتعزيز موقف الدوحة فى تنافسها مع السعودية، ولو نجح الإخوان فى النهاية فى الهيمنة على العالم العربى، فربما تستفيد قطر باعتبارها داعمة وممولة لهم من امتنان الإخوان لها، وربما تصورت الدوحة شيئا أقرب لما يحدث فى السعودية عندما دعم حكم العائلة المالكة فى السعودية اتفاق حماية متبادل مع رجال الدين. وكانت المخاطر تكمن فى أن الإخوان قد ينقلبوا عن حماتهم، حتى لو ساعدت قطر على صعودها للسلطة، إلا أن هذا الخطر هو مرحلة لاحقة، على الأقل الآن، فالخطر الأكبر الآن هو أن جيران قطر فى الخليج أصبحوا غاضبين من تحالفها مع الإخوان، وفى الماضى، استطاعت الدوحة أن تلعب بأجندات متعارضة بنجاح مدهش، لكن يبدو أن الحظ قد نفذ منها. ويتابع تقرير ورلد بولتيكس ريفيو: “عمل حمد وساعده الأيمن على قيادة الإمارة الصغيرة نحو سياسة خارجية جرئية، وحولوا بلدهم الصغير إلى منصة عالمية قوية وجعلوها طرفا عالميا مهما قادرا على ممارسة النفوذ، وأطلق شبكة الجزيرة، وقدم دعما لحماس فى غزة، وبدا أن تلك السياسة قد نجحت لفترة، ومع اندلاع الثورات العربية حصلت قطر على قدر كبير من حسن نوايا الجماهير العربية، وفى المرحلة الثانية من الثورات واصلت قطر الابتهاج إلا أن دعمها للإخوان أصبح مصدر قلق للقوى الليبرالية واليسارية. وبعد صعود الإخوان إلى الواجهة فى مرحلة ما بعد الحكم الديكتاتورى، قدمت قطر الدعم لإفرع الجماعة وساعدتهم على الفوز ومولت حكوماتهم“. وعندما ترك “حمد” الحكم العام الماضى، أملت دول مجلس التعاون الخليج أن يغير نجله “تميم” النهج، فقد تغيرت حظوظ الإخوان حينها بما أرضى دول الخليج، لكن تميم لم يهدأ، واليوم تحول الامتنان فى دول مثل مصر وليبيا وتونس إلى مرارة، بعدما أصبح الملايين ينظرون إلى دعم قطر للإخوان على أنه تدخل غير مرغوب به. إلا أن الدوحة لا تزال تؤمن بجدوى رهانها على المدى الطويل، فهى تعتقد بشكل واضح أنه ما تكسبه أكثر مما تخسره، فلا تزال تنظر للسعودية كمنافس إقليمى لها، ولا ينسى الأمير ووالده معارضة الرافض للانقلاب الذى جاء بحمد إلى السلطة عام 1995. وخلص التقرير فى النهاية، إلى القول أنه فى طل الاضطراب فى الشرق الأوسط، وكون الاتفاق النووى مع إيران لا يزال غير مؤكد، واستمرار القتال فى سوريا والمرحلة الانتقالية فى مصر، فإن حكام قطر يعتبرون الإخوان ميزة لا يملكها الآخرون، وليسوا مستعدين للتخلى عنها.
محمد عبد الله