الأستاذ أنس الملحوني: الإفادات العلمية والمتعة الجمالية

الأستاذ أنس الملحوني: الإفادات العلمية والمتعة الجمالية

- ‎فيفي الواجهة
505
6

بقلم: د. عبد الجليل الآزدي*

 

استضافت كلية الآداب بمراكش الباحث المتميز والإعلامي اللامع الأستاذ أنس الملحوني في إطار برنامج استكمال التكوين لطلبة سلكي الماستر والدكتوراه؛ وهو البرنامج الذي سطره ماستر النقد العربي القديم ومختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف.
وقد لاحظ جميع من حضر اللقاء وجلس أمام الأستاذ أنس الملحوني أن الرجل باحث رصين لا ينطق عن الهوى؛ بل يتحدث بطلاقة في لغة عربية أنيقة وسامية ودون اعتماد أي دعامة ورقية أو إلكترونية. وهو ما يعني أن الرجل أستاذ حقيقي. والشاشة التي تظهر في الصور موجودة هنا كعرض عيني ملموس بشكل موضوعا للتحليل والقراء والمقاربة والتفكيك. بهذا المعنى، أقول إن هذا الأستاذ الحقيقي قدم محاضرة أكاديمية تتمفصل في نسيجها المسبوك والمحبوك الإفادات العلمية – المعرفية على المتعة الفنية الجمالية.
فعلى الصعيد الفني الجمالي، استمتع الطلبة بعرض عيني وملموس للدقة المراكشية من البسملة إلى أفوس ثم الانتقال بعد ذلك صوب الإيقاع الكناوي…
وعلى الصعيد العلمي المعرفي، استفاد الطلبة الباحثون الكثير من الأمور التي تهم هذا الشكل الثقافي الشعبي السامي والمذهل؛ كما استفادوا من نوعية وطبيعة الأسئلة المحكمة التي طرحها الأستاذ أنس وهو يحلل ويفكك موضوعه بعيدا عن اليقينيات الجاهزة والأحكام القطعية الناجزة؛ وعلاوة على ذلك، اقترح الأستاذ أنس على الطلبة الباحثين، وعلينا جميعا، الكثير من مسارات البحث الممكنة في عموم الثقافة الشعبية وخصوص الدقة المراكشية؛ مؤكدا في كل حين وطور من محاضرته اللامعة على ضرورة البحث متعدد التخصصات، وعلى أن صيغة البحث الموائمة تتطلب فرق عمل تتضمن تخصصات عديدة: السيميائيات، اللسانيات، النقد الأدبي، علم الموسيقى، الإثنولوجيا، الأنثروبولوجيا، علم الاجتماع ثم التحليل النفسي والعلوم التي تهتم بالتربيةوالديداكتيك البيداغوجيا… وذلك اعتبارا للنسق المذهل والغزير بالعلامات Signes والعلاقات والمعاني والدلالات؛ أي النسق الذي اشتهر بمراكش الإمبراطورية وصار علامة من علاماتها المميزة والتمييزية، والذي يعرفه الناس تحت اسم: الدقة المراكشية…
هذا غيض من فيض وسكر من قمطر، لا يسعنا بعدهما إلا أن نرفع تحية عالية لجميع أهل مراكش الإمبراطورية، ولهذه المدينة الشامخة بعلماءها ومناضليها وأولياءها وصلحاءها ومتصوفتها… المدينة التي إن أشرقت عليها الشمس تشرق على الكون برمته، وإن غابت عنها، غابت عن الكون بأسره… المدينة التي أنجبت ولازالت تنجب باحثين نجباء، متبصرين ومتسامحين ومتميزين، من طينة و حجم و عيار الأستاذ أنس الملحوني Anasse EL Malhouni سليل أسرة العلم والثقافة والمعرفة والفن والجمال…

* المتشرد الحكيم في الحضرة المراكشية
الأربعاء 13 يوليوز 2021.

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،