“ولم يهزمِ المسلمينَ إلّا المسلمون..! “

“ولم يهزمِ المسلمينَ إلّا المسلمون..! “

- ‎فيرأي, في الواجهة
164
6

*حسن إدوعزيز

هكذا لخص المؤرخ الفقيه “أحمد بن خالد الناصري” النكبة التاريخية للمغاربة أمام الفرنسيين في فاجعة “إيسلي”، يوم 14 غشت 1844، على الحدود الشرقية للمغرب مع الجزائر.

وحسب ما استقصاه، وأورده بعض الرواة أيضا، والعهدة عليهم جميعا، فقد توجه إلى هذه الموقعة جيش لا قبل له بحقائق الحروب وأوصافها، بل ومن كان من عناصره على علاقة بذلك، كان ضعيف الإيمان على مباشرة القتال. كما يٌروى أن قائد الجيش، الأمير محمد بن عبد الرحمان (بن هشام)، كان نائما عندما باغث جيش العدو، دمره الله وأهلكه، جيش المغاربة، ليلة اليوم المتوقع للمعركة… إذ لم يجرؤ الحاجب السلطاني “سيدي الطيب اليماني” (المعروف ببوعشرين) على إيقاظه، إلا بعدما تلاقى الجمعان… لينخرط في القتال بطيلسانه الأرجواني ومظلته، كعادة مخزنية قديمة متوارثة في الحروب.. وهو ما جعله لقمة سهلة أمام مدفعية الفرنسيين، التي أمطرت المجاهدين المغاربة بلا هوادة من كل جانب، بقيادة الجنرال “دو لامورسيير” (de Lamoricière).

وما أن أدرك الأمير القائد خطورة وضعه، الذي جعله باديا مميزا للعدو وسط الحشر، وتخلى عن مظلته وطيلسانه، وذاب في ساحة الوغى..، حتى ظن جنوده أنه قُتل. فتعالى الصياح والتدافع حول خزينة الجيش، وعاث المقاتلون سرقة ونهبا وتناحرا حول مؤونة جيشهم، وفيما بينهم… فعمت الفوضى في معسكر المسلمين، وتفرقت محلة المغرب، وتمزقت أوصالها، ولم يجد الأمير أمام غدر وتخاذل مقاتليه، سوى الإذعان للعدو، والاستسلام للقدر المحتوم… فسقطت هيبة المسلمين المغاربة منذ ذلك الحين، ودخل المغرب سياقا جديدا من الضغوط.. التي عمقت الجراح… كما يعلم الجميع..

فما أشبه اليوم بالأمس.. وإن اختلف السياق، واختلف الفاعلون، واختلفت الوسائل..!

*أستاذ

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،