أول فيلم عن «داعش»

أول فيلم عن «داعش»

- ‎فيإعلام و تعليم
1130
6

دواعش المغرب

 

انتفض أبو مصعب، المسؤول الإعلامي في «الدولة الإسلامية» أو «داعش»، لدى سماعه سؤالا يتعلق بحياته الخاصة وعائلته، فأجاب بعد أن أزاح نظارة Rayban الشمسية عن عينيه وأجاب بملامح جامدة: «ما أروح أمور ترفيهية. أبدا ما أطلع أبدا.. العائلة إذا جاز التعبير هي آخر الاهتمامات؛ فهناك شيء أسمى. فلو جلسنا وقعدنا مع العائلة فلا أحد سيذود عن أعراض المسلمين».
وعلى نفس السؤال حول موقع الحياة الخاصة في حياة الداعشي، أجاب رفيق أبو مصعب: «لا نحب الحياة السعيدة ولا الرحلات.. هذه تبعدنا عن الله».
هذه الإجابات كانت بعضا من اللمحات المقربة لما يفترض أنها طريقة تفكير وعيش هؤلاء المسلحين الذين صدموا العالم ولا يزالون بما يواظبون على تكراره من استعراضات قطع الرؤوس أو «قطفها»، كما يطيب لبعضهم القول، حين تنفلت وحشيتهم من عقالها.
ففي وثائقي غير مسبوق سمح قادة «داعش» لفريق تلفزيوني من مؤسسة «VICE NEWS» بالدخول إلى مناطق سيطرتهم في محافظة «الرقة» السورية والتصوير على مدى أسبوعين يوميات قتل وحرب وتظهير كيفية سيطرتهم على حياة سكان المنطقة عبر دوريات «الحسبة» وإدارة حياة الناس واستعراضات القوة والسجون.
وهذا الفيلم الذي جرى تداوله على نطاق واسع في أقل من أسبوع على بثّه جرى تصويره بحذر؛ إذ لا يمكن إنجاز مثل هذه المادة من دون موافقة القوة المسيطرة على الأرض وهي «الدولة الإسلامية»، وأي محاولة تصوير من خارج هذه السلطة تهدد بقتل سريع. وأهمية هذا العمل هي في نقل بعض من ملامح شخصيات هذه الجماعة ومعنى العيش تحت ظلال قتلة يتباهون بوحشية حبست أنفاس العالم، وقدرة وتمدد سريعين لم نفهم بعد كيفية حصولهما.
كل من تحدثوا في الفيلم لم يكونوا سوريين، فقد غلبت اللهجات الخليجية والمغاربية والبعض من المهاجرين العرب إلى أوروبا؛ فقد ظهر رجل خمسيني في جمهرة ليلية في ساحات الرقة ينشد مع الواقفين «حور الجنان تنادي سجلني استشهادي» ويخاطب الكاميرا ويقول إنه عاش في أوروبا خمسة وعشرين عاما وها هو الآن أتى إلى دولة «الخلافة» المزعومة «خلينا ولادنا والمرأة الجميلة وجينا للجهاد والراحة النفسية».
وللحقيقة فإن كل من يظهرهم الفيلم من شخصيات هذه الجماعة هم نماذج لمجتمعات مريضة خرجوا منها. حتى أولئك الذين عاشوا في أوروبا لم ينجوا من تركات ثقيلة حملوها معهم من بلادهم ومجتمعاتهم.
كرر هؤلاء في الفيلم النظريات نفسها التي تعتمد منذ ثلاثة عقود على الأقل حول الكفار واستهداف المسلمين كعناوين مبتذلة يرددها شبان غاضبون شرسون أرخوا لحاهم وشعورهم ويتباهون بأسلحتهم وسيوفهم ويلقنون أطفالهم كراهية الغير والتدريب على القتل.
وهنا المسألة أعقد من مجرد نسبتها إلى خطاب ديني عنيف، ولو أن هذا الخطاب يشكل الوعاء الذي ينهلون منه وينسبون إليه ما يقترفون، لكن ما نراه من تعميم لموت وحشي وخراب ليس سوى علامة من علامات تردي المجتمعات العربية برمتها.
شذاذ الأفاق في هذا الفيلم خرجوا من رحم بلادنا وولدوا من أزماتها ومن اضطراباتها.
موجات التكفيرين تتوالى منذ أكثر من ثلاثة عقود، بحيث صرنا اليوم أمام الجيل الرابع.. سبق أن شنت حروب على الإرهاب على تفاوت نجاحها وفشلها لكنها لم تستأصل الدوافع. نعم، حان الوقت لعمل مختلف. حان الوقت أن نواجه ونسأل أنفسنا، فهذا الفيلم وما اعتدنا مشاهدته من تحويل القتل والعنف إلى وسيلة وحيدة للعيش لن تقضي عليه طائرة أو طائرات.

 

* الشرق الاوسط/ ديانا مقلد

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،