لماذا احتج المغرب في قضية التحقيق مع الحموشي والتزم الصمت في ملاحقة قضاء فرنسا واسبانيا للجنرال حسني ابن سليمان وآخرين؟

لماذا احتج المغرب في قضية التحقيق مع الحموشي والتزم الصمت في ملاحقة قضاء فرنسا واسبانيا للجنرال حسني ابن سليمان وآخرين؟

- ‎فيفي الواجهة
1311
6

BENSLIMANH1بنسليمان والحموشي

 أقدمت الدولة المغربية على تعليق الاتفاقيات القضائية مع فرنسا وتقديم احتجاج قوي بسبب قرار القضاء الفرنسي التحقيق مع مدير المخابرات المغربية عبد اللطيف الحموشي في قضايا تعذيب مفترضة. والقرار المغربي المفاجئ جعل الكثير من التساؤلات تتردد في أوساط الدبلوماسيين في الرباط ووسط الرأي العام المغربي وشبكات التواصل الاجتماعي ومفادها: لماذا لم تتبن  الرباط الموقف نفسه في ملفات  مماثلة وعلى رأسها مذكرة اعتقال في حق مدير الدرك الملكي الجنرال حسني بن سليمان؟

 

وتنقل الصحافة المغربية قرار سلطات الرباط بتعيين محامين بالدفاع عن مدير المخابرات الحموشي وفتح حوار مع الحكومة الفرنسية لحل هذا النزاع. وهذا الإجراء يبرز تعامل الدولة المغربية بنوع من الجدية والقلق مع هذا الملف. وتوجد ثلاث دعاوي مرفوعة ضد مدير المخابرات بتهمة التعذيب، الأولى ورفعها النعمة الأسفاري المحكوم عليه بالمشاركة في قتل أفراد الأمن المغربي في أحداث أكديم إيزيك، والثاني يتعلق بالملاكم الدولي زكريا المومني والثالث هو عادل المطالسي. ويذكر أن زكريا المومني قد وجه رسالة الى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولندا مؤخرا يطالب بالتدخل لتحقيق العدالة. وهذا الملف بدأ يحضر بشكل قوي في الاعلام الفرنسي، مما جعل أطرافا في الدولة المغربية تلجأ  إلى اعتبار  تلك الإجراءات ضمن نظرية المؤامرة لتبرير هذه الهجمة التي يفترض أنها تستهدف المغرب ومكتسباته بل وتربطها بجولة الملك في إفريقيا، علما أن بعض الدعاوي جرى تقديمها في الصيف الماضي قبل الزيارة بشهور.

 

وحاول القضاء الفرنسي استنطاق الحموشي في باريس خلال تواجده في قمة أمنية يوم 20 فبراير الماضي. وغضب المغرب للقرار واتخذ إجراءات غير مسبوقة في الدفاع عن الحموشي منها توقيف اتفاقيات التعامل القضائي، ويبقى التساؤل العريض، لماذا اتخذ المغرب هذه الإجراءات فقط في ملف الحموشي دون آخرين؟

 

والتساؤل ناتج عن المقارنة بين تصرفات الماضي والحاضر، فهذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها قضاء أجنبي على محاولة محاكمة مسؤول مغربي وأعلى بكثير من الحموشي في ملفات التعذيب سواء لمواطنين مغاربة أو في ملف الصحراء . فقد حاول القضاء الإسباني التحقيق مع الملك الحسن الثاني سنة 1998 بتهم خرق حقوق الإنسان في الصحراء. وتكرر اتهام مسؤولين كبار مثل وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري ومختلف المسؤولين الأمنيين الكبار وخاصة العسكريين وعلى رأسهم الجنرال عبد الحق القادري والجنرال حسني ابن سليمان الذي أصدر القضاء الفرنسي في حقه مذكرة اعتقال دولية منذ سنوات في ملف اغتيال الزعيم اليساري  المهدي ابن بركة. وتوجد ملفات مفتوحة ضد مسؤولين مغاربة منهم  المفتش العام للقوات العسكرية وعبد العزيز بناني كذلك ابن سليمان في المحكمة الوطنية في مدريد.

 

في الوقت ذاته، سبق وأن تعرض المغرب دولة وشعبا لأكبر الاتهامات بالتورط في تفجيرات 11 مارس الإرهابية 2004 في مدريد عندما وجهت جهات سياسية وإعلامية اتهامات مباشرة للمغرب بتورط المخابرات المغربية في هذه الاعتداءات، ولم يصدر وقتها حتى بيان عن الرباط للتنديد بهذه التهم!

 

لكن الرباط لم يسبق لها من قبل ان تحركت بهذه الحدة  للدفاع عن باقي المسؤولين المغاربة وعلى رأسهم ابن سليمان ، فلماذا اختلف الأمر مع الحموشي؟

 

من ضمن التفسيرات والتوضيحات التي حصلت عليها ألف بوست من عدد من الجهات على  معرفة بأشكال تصرف مؤسسة الدولة العميقة في المغرب أنه يوجد فارق بين الحموشي وباقي المسؤولين. في البدء ترغب الدولة المغربية في احتواء هذا الملف لتفادي صدور مذكرة اعتقال في حق الحموشي حتى لا يصبح مسؤولان كبيران في الهرم الأمني للدولة  الجنرال ابن سليمان مدير الدرك والحموشي مدير المخابرات متابعان في ملفات جنائية دولية، بينما المغرب يحمل شعار المساهمة في الأمن الدولي.

 

والسبب الثاني هو الفارق المذكور بين عهدين، و  يتجلى في أن ابن سليمان محسوب سياسيا وأمنيا على “العهد القديم” ويتابع في ملفات تتعلق بخروقات الصحراء في السبعينات والثمانينات، وبالتالي فالمسؤولية السياسية تبقى محصورة في عهد الملك الحسن الثاني. وعكس ذلك، فالتحقيق مع الحموشي يمتد سياسيا الى المسؤولين السياسيين عن الأجهزة الأمنية، أي وزير الداخلية والوزير المنتدب في الداخلية. وهذا يعني احتمال امتداد التحقيق الى فؤاد علي الهمة والشرقاوي وامحند العنصر ضمن آخرين. وقد يمتد في حالة زكريا المومني الى الكاتب الشخصي للملك محمد السادس، منير الماجدي لأنه مذكور في دعوى الاتهام كأحد المتسببين في التعذيب. وكل تقدم في التحقيق وفي حالة الإدانة يعني السقوط الرسمي لمفهوم هيئة الإنصاف التي تبناها العهد الجديد لحل جرائم العهد السابق.

 

ويبقى السؤال المعلق الذي يردده الجميع وهو: لماذا لم تجب عنه الدولة المغربية حتى الآن، هو  لماذا تدافع عن الحموشي ولم تدافع من قبل أو الآن  عن الجنرال حسني ابن سليمان الذي يطالب القضاء الإسباني حاليا باستنطاقه في ملفات تعذيب متعلقة بالصحراء؟

عن ألف بوست

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،