كتاب: الرياضة والسياسة والفلسفة.. الأسياد والعبيد في مملكة الرياضة ( 19

كتاب: الرياضة والسياسة والفلسفة.. الأسياد والعبيد في مملكة الرياضة ( 19

- ‎فيرياضة
2283
6

immanuel-kantEmanuel Kant

1-الاستبداد والعبودية
الحديث عن الاستبداد والعبودية بخصوص الرياضة ليس بريئا، طالما أننا نستعمل مصطلحات سياسية لتوصيف أمر قد يبدو تقنيا أولا وقبل كل شيء. فليست نتائج الرياضة، الانتصار، إلا هدفا يجب بلوغه، وهو ما يقتضي معرفة وتعلما واستعدادا وتدريبا. وإذا لم يتم بلوغ الهدف، فمعنى ذلك الفشل في المشروع. وهذا مشين بالتأكيد، ولكن أن ننطلق من هذا للحديث عن الاستبداد والعبودية، فهناك مسافة لا بأس بها ! وبدل الحديث عن الاستبداد، يجب الحديث عن الضرورة أو عن الإلزام، الضرورة بصفتها موضوعية (يتوفر المربع بالضرورة على أربعة أضلاع) والإلزام بصفته ذاتيا (التلميذ المجتهد عليه أن يحفظ قواعد النحو بكيفية إلزامية). وحينها يمكن القول إن الانتصار ضرورة للرياضة وإلزام للرياضي. والحال أننا لم نطرح هذه المصطلحات في البداية، وحافظنا على مصطلح الاستبداد أو بالأحرى فضلناه. والسبب واضح، ليس فقط لأن هذا المصطلح سياسي، ومن ثم درامي (يفترض علاقات إنسانية متوترة وصراعية) ولكن كذلك لأن المستبد أو الطاغية رجل خارج الشعب وغير معروف، وهو نوع من العدو الخارجي أو البراني. وعبر هذا المصطلح، يوسم الانتصار أو يوصم ببصمة الخارجية، ويتم التلميح إلى أن الرياضة يمكنها أن تستغني عن الانتصار، وأن في إمكان الرياضي أن يجد له غايات أخرى غير الانتصار، ومن ثم لن يكون الأخير ضرورة ولا إلزاما، بل أمرا مفروضا غريبا يسقط على الرياضة ويفرض عليها بفظاظة وعنف هيئات ومظاهر غريبة عنها. المستبد ليس الشعب، ومن ثم فالانتصار ليس الرياضة.
ويوجد في العنوان اتهام – الاستبداد – وثورة –الاستعباد – ضد وضع قائم وغير قائم في الوقت نفسه، ثورة في سبيل منح الرياضة صورتها الحقيقية، وتحريرها من الانتصار، مثلما نعطي لشعب وطنه الحقيقي بطرد المحتل، وحريته الحقيقية باغتيال الطاغية. فيا أيها الرياضيون المعذبون انهضوا، آن للرياضة أن تصير رياضة !
إن الانتصار في الرياضة مدرك، والنتائج قابلة للتحقق منها: أفضل من الأخير الذي كان أفضل من السابقين، ما يسمى الرقم القياسي أو على الأصح تحطيم الرقم القياسي. وعند إنعام النظر في هذا المعيار الرياضي، يصير ممكنا، إما التوكيد على أن الرياضة يمكنها الاستغناء عن الأرقام القياسية (وحينها لن تعود هناك رياضة، بل مجرد تسلية ولهو) وإما التأكيد على إمكانية تحطيم أرقام قياسية بكل حرية، دون عبودية، ودون التفكير في ذلك بكيفية هوسية، ودون أن نُجْبَر على التفكير فيه من لدن طاغية يصرخ بأوامره في آذاننا. وباختصار يأتي الانتصار إلى الرياضة مثلما ينضاف خلاص الورود الهش إلى الشباب.

يتبع

ألفـــــــه: إيف فارگاس

تــرجمــــة : عبد الجليل بن محمد الأزدي / بلعز كريمة

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،