حماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب

حماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب

- ‎فيرأي
2804
6

بوبكر اماجوداماجود

 

لقد صدر بعد انتظار طويل مشروع قانون إطار رقم 97 13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب, صدر أذن هذا القانون الذي طالما سعا المعاقون لاستصداره, ألا أن صدوره بدل أن يشعر المعاق بالكرامة التي من المفروض ان يضمنها له القانون باعتباره مواطن مغربي, جعله يشعر مع كامل الأسى والأسف بمرارة شديدة وتهميش قاس لم تلحقه به هذه المرة كالمعتاد تابوهات الجهل النمطية المكرسة والأحكام الجاهزة والمسبقة التي تمارس عليه , بل إن الصفعة القاضية والمميتة تلقاها الشخص المعاق من الطرف الذي كان مفروضا أن يحميه وينصفه, إنه الجهاز التنفيذي الذي يتزعمه حزب ذو مرجعية إسلامية !!! حزب كان من المفروض فيه التعاطف مع المعاقين انطلاقا مما تقتضيه وتستوجبه سماحة الدين الإسلامي الحنيف من إنصاف لهذه الفءة التي عانت التهميش والإقصاء منذ عقود, والتي تلقت تعليمها داخل مؤسسات مسيرة من قبل جمعيات ترتزق باسم الشخص المعاق وتنفق عليه مما تكتسبه من أموال تتسولها من المحسنين أو مما يجود به الريع , هذا الريع التي طالما تبجحت هذه الحكومة باجتثاث وتجفيف منابعه, والتي طالما ادعت محاربته. وهنا تتبادر إلى الذهن طرح الأسئلة التالية وهي أن كان القانون الجديد يضع حدا لترك الشخص المعاق عرضة لمتابعة تعليمه وتأهيله بمؤسسات جمعوية ريعية أم أن الدولة أصدرت قانونا منصفا تهيكل وتلحق بموجبه هذه المؤسسات بقطاع التربية والتكوين يسري عليها ما يسري على مدارس التربية والتكوين وتتمتع بكل الحقوق التي تستفيد منها ساؤر المؤسسات العمومية؟ أم أن المعاق المسكين ليس له حق المواطنة التي يتمتع بها غيره وبذلك يظل حبيس مؤسسات جمعوية خيرية ريعية يعوزها حسن التسيير وتنخرها من الداخل آفة الفساد والانحلال الخلقي بل والإجرام وما الذي حدث بمعهد المكفوفين بمراكش ومدرسة تمارة للمكفوفين ببعيد. هل فكرت الدولة كما هي الحال فيسائر الدول الديموقراتية العريقة والمنصفة لحقوق الإنسان في طباعة الكتاب المدرسي للمكفوفين بطريقة برايل وتجهيز كل مدارس ومراكز تربية وتكوين المكفوفين بالمعدات اللازمة للتعلم والتكوين اللائق بهم؟ أم أنها تركت هذه المسؤولية للجمعيات التي نعرف جلها ونعرف كيف التحق بعض مسيريها بها وكيف صاروا اليوم أثرياء ميسورين مالكين للفلات الفخمة ومديرين لمشاريع ما كانوا يحلمون بها لولا هذه البقرة الحلوب التي تطعم غيرها وتترك أبناءها يتضوورون جوعا ويتحسرون حزنا وكمدا؟ هل فكرت حكومة بن كيران فيأيجاد حلول منصفة لتشغيل المعطلين المعاقين عامة والمكفوفين خاصة المنتشرين في أزقة الرباط والذين أدى ببعضهم العوز إلى امتهان التسول بدل امتهان وظيفة تضمن لهم العيش الكريم كغيرهم, أم أن القانون الجديد بالغ في إنصافهم بحذف سبعة في المائة التي طالما وردت على ألسنة المسؤولين دون تطبيقها ولو لمرة واحدة, بل أن المعاقين عامة والمكفوفين خاصة اعتادوا منذ عقود على ولوج سلك الوظيفة العمومية فقط بعد اجتيازهم لمباريات الزرواطة والتنكيل بهم. ربما جاء هذا القانون بشيء جديد لم يكن المعاقون يتمتعون به من قبل, أنه الحق في استفادتهم من التطبيب وكأن القوانين الجاري بها العمل في المملكة لم تكن تسمح بذلك من قبل. أما جعل الاستفادة من المنح الجامعية وال تخفيضات الجاري بها العمل بالأحياء الجامعية حكرا على المعوزين لا غير فهذه ربما هي الامتيازات المحدثة بموجب هذا القانون, بل ربما نسي أو تناسى واضعوه أن هذه الامتيازات شكلت منذ أمد بعيد مكسبا للمعاقين الذين دأبوا على التمتع بها قبل صدور هذا القانون دونما تمييز بين المعوز وغيره. كان على هذه الحكومة مشكورة التنصيص على ضمان حق المعاق في التعويض عن الإعاقة كما تضمنه ساؤر الدول المحترمة لخصوصيات معاقيها المتبنية للحداثة كمبدء موجب لضمان العيش مواطنيها دون تمييز أو إقصاء بدل التضييق على الطلبة المعاقين والإجهاز على المكتسبات الواردة في الظهير الشريف 81 5 للمكفوفين وقانون الرعاية الاجتماعية 92 07 للأشخاص المعاقين والذان لم يرد بهما شرط العوز للاستفادة من هذه الخدمات الاجتماعية. كان الأفيد لهذه الحكومة السعي وراء إحداث المراسيم التطبيقية للقوانين السابقة الذكر بدل إبداء هذا التراجع والتقهقر للوراء بل وإقبار قضية الشخص المعاق ودفنها في غياهب الإقصاء والتهميش. كان الأجدر والأحرى بهذه الحكومة ترك الأمور على ماهي عليه إن كانت تنقصها الحنكة والشجاعة والجرأة لإصدار قانون منصف يصون للشخص المعاق حقوقه وكرامته تاركة ذلك لمجيء حكومة جادة مستقبلا تمتلك شجاعة الذود عن الحقوق ورفع الضيم عن هذه الفئة المواطنة والتي لها الحق في العيش الكريم لأن منتسبيها لم يأتوا من المريخ أو يتسولوا حقوقهم من أحد, بل هم أيضا مواطنون مغاربة يدينون بالولاء لملكهم ويحترمون مقدسات وطنهم. أما التعليم والتكوين والتأهيل وإعادة التأهيل والتطبيب فلا تعدو كونها خدمات يستفيد منها كل المواطنين على السواء ولا يصح بأي حال من الأحوال تسويقها على أنها حقوق ومكاسب يمن بها علينا أي كان بل الحقوق الحقة تنطلق أساسا من التمييز على أساس الإعاقة واستصدار مراسيم تطبيقية لأجرأة وحماية المكتسبات المنصوص عليها في الظهير الملكي الشريف 81 5 للمكفوفين وضعاف البصر وقانون الرعاية الاجتماعية 92 07 الخاص بالمعاقين واحترام روح وجوهر بنود ونصوص الاتفاقية الدولية للأشخاص المعاقين بدل التخفي وراء ما ورد من جزؤيات وعموميات مبهمة بموجب هذا القانون الجديد الذي يرهن كل ما ورد به بصدور نصوص ومراسيم تنظيمية فقط الله سبحانه وتعالى وحده يعلم متى ستصدر وإن كانت حقا ستصدر أم سيكون شأن صدورها شأن سابقاتها. ومجمل القول فإن القانون الجديد المتعلق بالمعاقين مخيب للآمال ولا يستجيب لأدنى تطلعات وطموحات الشخص المعاق بل وتشوبه جملة من النواقص والاختلالات أقلها الخلط بين الحقوق والخدمات, ولذلك نطالب كل الضمائر الحية ونناشد جلالة الملك حفظه الله ونصره باعتباره عين الكفيف التي يبصر بها ولكون جلالته ملاذ كل المعاقين أن يصدر عطفه وكرمه للتدخل بغية تعديل هذا القانون بما يتناسب وإحقاق حقوق المعاقين, كما نناشد كل نواب ونائبات الأمة بمجلس النواب ومجلس المستشارين للالاعتراض على صدور المراسيم التطبيقية لهذا القانون المجحف والمخيب للآمال في صيغته الحالية, ولا يفوتنا أن نلتمس عون وسند كل جمعيات وهيئات حقوق الإنسان وكل مكونات المجتمع المدني اليقظي لي يقفوا في صفنا وقفة رجل واحد كي نتصضى جميعا لهذا الحيف آخذين بعين الاعتبار ألا أحد في مأمن من الأصابة بالإعاقة وأن المعنيين بالأمر يشكلون نسبة عريضة لا يستهان بها من نسيج المجتمع المغربي, ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نضمن تقدم هذا الوطن والارتقاء به إلى مصاف الدول الحديثة في نفس الوقت الذي يتم فيه تهميش فئة عريضة من منتسبيه وعدم إنصافهم بما يضمن لهم سبل الكرامة والمساواة

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،