Andrecia Wasson
إن منطق الفضيحة هو نفسه منطق الشطط. وترتبط بعلاقة مزدوجة مع الوضع الطبيعي الذي تهدده وتدعمه في الوقت نفسه.
فلو أن بواب عمارة قتل أحد قاطنيها، فتلك جريمة عادية، أما أن يقتل طبيب مرضاه، فتلك فوضى، لأن حياة المرضى وموتهم هما موضوع الطب المنظم. وبشكل ما، تدخل الجريمة هنا ضمن الوضع الطبيعي للأشياء. ويمثل فضحها إضعافا وتقوية في الوقت نفسه لهيئة الأطباء. وبالمثل، فالصحافي الذي يكذب فضائحي. ويدرك الصحافيون ذلك جيدا، فيسارعون إلى النقد والإدانة والتجريح، ويعلنون الولاء للصدق ويرفعون عاليا ألوية أخلاقيات مهنة المتاعب، وذلك كي يبرئوا ذمتهم من تهمة الكذب، معتقدين أن فضح بعض الأكاذيب الكبيرة والمشينة والسافرة سيخلق الوهم عند الناس بأن الأمور المتبقية صادقة وحقيقية تقريبا.
وهكذا تطهر الرياضة المال الذي تقوم عليه عبر الفضائح المالية. وطالما المال الذي يشتري لاعبا من الفريق الخصم هو مال قذر، فمعنى ذلك أن المال نظيف في جميع المعاملات الأخرى. وإذا كان العالمَ الرياضي يتكالب على الفريق الحائز على البطولة، فكي يمنح نفسه فضيلة، تماما مثلما أن تعاطي المنشطات المفتضِح يتيح له امتلاك صحة.
وليس من الصدفة في شيء أن رياضيين لامعين ومتألقين، وبعد افتضاح تعاطيهم المنشطات، قادوا حملات ضد المنشطات والمخدرات، ودفاعا كذلك عن الوقاية من داء فقدان المناعة، لأنه لم يعد يكفيهم امتلاك صحة جديدة، بل يجب أن يتأتى لهم فائض من الصحة كي يوزعوه في كل مكان، حتى في أماكن بعيدة عن الملاعب. وهم اليوم يستثمرون أموالهم في مقاولات إنسانية معلنين على رؤوس الأشهاد : “نحن أغنياء، ويجب أن يكون هذا مفيدا”. ففي مواجهة المال القذر الذي ينبعث من الملاعب، يجب إظهار وإبراز المال الآخر الذي تم اكتسابه في الكواليس، والعمل بكيفية نموذجية على تقديمه على أساس نقي ونظيف و”حلال” وغير مشكوك فيه، بل ويمكنه الإسهام في أعمال الخير والأعمال الخيرية؛ وبعد أن أثار بعض الفضائح، هاهو يعود إلى طبيعته الحسنة والخيرة، بل هاهو يتجاوز الخير الذي لم يُطْلَب منه.
إن مال الرياضة نقي في كل مكان، ويلوث الرياضة حين يطوف حوالي الملاعب، غير أنه ينظف نفسه في الوحل تماما مثل فِيَلَة أفريقيا.
إيف فارگاس
ترجمة/ عبد الجليل بن محمد الأزدي ذة.بلعز كريمة
