مراكش كما أرادوها…

مراكش كما أرادوها…

- ‎فيرأي
301
6

عمر جدلي*

مؤسف حقا ما تتعرض له المدينة الحمراء من تهميش وتبخيس على المستويين الثقافي والفني، حتى باتت ثقافة الإنسان المراكشي تختزل في تحريك ملامح الوجه بشكل مشوه و تمطيط الكلام وتتفيهه، وهي الصورة النمطية التي حاولت إحدى السلسلات، التي توصف افتراء بالكوميدية، ترويجها في هذا الشهر الفضيل.

مراكش أكبر بكثير من هذه المقاربات الملغمة التي تستهدف الحط من القيمة الرمزية والحضارية التي اكتسبتها المدينة على مر الزمان، أمام أنظار القائمين على شؤونها من دون أي رد فعل يذكر.
مؤسف حد الامتعاض ما يعيشه فنانو المدينة من إقصاء في كل دوائر الدعم العمومي الثقافي منه والفني، وكأن الهدف خطط له قبلا من أجل إفراغ المجتمع المراكشي من محتواه الفكري والإبداعي، وطمس دورها الريادي في الإشعاع الثقافي الوطني، وقبر مواهب أبنائها الذين إذا أبدعوا أبهروا، مع التركيز في المقابل على السياحة الجنسية والمؤهلات الطبيعية والعمرانية.

ولنا في ما تعرض له زميلنا الفنان توفيق أزديو وفرقته أنانيا في بداية ماي الجاري، من إقصاء ممنهج لمهرجان نمشي من دعم وزارة الثقافة الخاص بالفنون الكوريكرافية، مع أن المهرجان يكتسي طابع الدولية ويلعب دورا كبير في إشعاع المدينة وتشجيع المواهب الغضة، مهرجان يستقبل كل سنة عشرات العروض الكوريغرافية البادخة من كل ربوع العالم، ومديره، الفنان أزديو، يتمتع بشعبية عالمية محترمة في مجاله، مهرجان وصل دورته الثالثة عشر بإصرار وإيمان وضل وفيا لنهجه التنويري مؤطرا لعشرات الشباب من أبناء الشعب، منفتحا على ثقافة الآخر ومثمنا للتراث اللامادي المغربي، مهرجان بحجم “نمشي” يستأثر  باهتمام كبريات القنوات العالمية ويتابعه فنانو الجسد من كل القارات، ويحاضر مديره في محافل دولية رفيعة المستوى، لا تعرفه لجنه وزارة الثقافة، ولا تعترف بقيمته وهويته.

هذه مدينة مراكش التي أريد لها ولفنانيها ومثقفيها كل هذا الهوان، مراكش التي في خاطرنا تؤلمنا أيضا حين يساهم أبناؤها ال “بين قوسين” في تهميشها وإبخاسها حقها، كما حدث السنة الماضية في لجنة الدعم المسرحي التي كانت تضم للأسف ثلاثة من فناني المدينة، ومع ذلك لم تستفد أية فرقة مسرحية من دعم الإنتاج، بالرغم من كون جل الأعمال المقدمة كانت مشرفة، على الأقل بالمقارنة مع ما تم دعمه لنفس الموسم، هذا الخزي الذي نرتضيه لأنفسنا بصمتنا ورضوخنا لسياسة الأمر الواقع، وعدم رجعية قرارات اللجان الصورية في أغلب الحالات، يزيد من حدة النزيف ويجعل الفنان المراكشي، كحالتي، يطرح الأسئلة المحرقة التي لا مفر منها.

هل من الضروري أن ينتقل الفنان المراكش للسكن في الرباط أو الدار البيضاء ليشتغل؟ هل من اللازم أن يكون الفنان المراكشي تابعا من توابع اللوبيات التي تعيث فسادا في دعم وزارة الثقافة، ليستحق فرصة عرض إبداعه؟ هل من الضروري أن ينتمي الفنان لنقابة فلان أو علان أو يكون مهرجا في مجالس المدام كي ينال شرف المشاركة في مهرجان من مهرجانات الوزارة أو مهرجانات الهيأة العربية؟…

وأسئلة طرحناها في الحوار الآتي مع وكالة المغرب العربي للأنباء، أخرى كثيرة تبقى مفتوحة في وجه الصمت، وحسبنا أننا نطرحها للنقاش ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ولا نروجها في حديث المقاهي، ولنا عودة للموضوع.

*فنان مسرحي

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،