الحكاية 22 من حكايات الأميرة ذات الهمة .. خلاص فتون

الحكاية 22 من حكايات الأميرة ذات الهمة .. خلاص فتون

- ‎فيفن و ثقافة
174
6

 
د محمد فخرالدين

قال الراوي :
و في هذه الاثناء أوغر القاضي عقبة شيخ الضلال صدر الخليفة على الأميرة ذات الهمة و ابنها عبد الوهاب و محمد البطل ، فطلب منهم الحضور عاجلا الى بغداد ، ولما حضروا وجدوه قد خرج من القصر لتفقد احد المعسكرات الجند في بلاد الشام ..
و كانت إمارة النعمان قريبة من معسكر الخليفة الرشيد ، و كان الغطريف و هو بطل صنديد و شيطان مريد ،يحب ابنة النعمان و يريد ان يتزوج بها غصبا ، فأرسل أحد اللصوص و كان يدعى الخطاف ليحضرها بين يديه مقابل جائزة سنية ، فأجابه الى ذلك .
و حدث انه كان هناك امير من العربان يسمى طارق و هو ابن اخ النعمان ، و كان يحب بدوره ابنة عمه فتون و قد طلبها من عمه مرارا ، فلم يوافق أن يزوجه بها .
الى ان جاء اليوم الذي غار فيه الخطاف على ديار النعمان واختطف فتون ، وحملها في هودج في الصحراء متوجها الى سيده الغطريف، و في هذا الحين طلب النعمان من طارق أن يهب لنجدة بنت عمه ،ووعده ان يزوجها له إن هو خلصها من الغطريف و الخطاف .
ثم إن الامير طارق انطلق في الحال و هجم على حراس الهودج الذي فيه ابنة عمه فتون هو و من يواليه من الفرسان ، فشتت شمل القوم بالسيف و الحسام ،و صاح :
ـ خلوا عن الكريمة فتون أو أسقيكم كأس المنون و حق من لا تراه العيون..
ثم إن الخطاف نزل الى الميدان، و جال و طاف ، و كان من أشجع الفرسان،فلما واجه الأمير طارق ،وجد نفسه يضرب في حديد بارد ، فقال له :
ـ نحن نسير إلى فتون و ننظر من تريد منا ،و يكون في جوابها حقن الدماء ..
فطلب طارق من فرسانه رفع السيوف و الانفصال في الحال، فرفعت السيوف ، و توجها نحو هودج فتون ،فلما وصلا عندها و سألاها من منهما تريد؟
قالت :
ـ لا أريد إلا ابن العم طارق و كاشف الغم صاحب البيارق و مفني الفيالق …
فلما سمع الخطاف هذا الكلام ، صار الضياء في عينيه ظلام ،و لم يقبل بما قالته فتون ،و عاد الى الحرب و الطعان، حتى جرى العرق و زاد القلق ،فكشفت فتون عن وجهها من خوفها على ابن عمها، و نادت:
ـ يا ابن العم ،قوى الله حيلك و أنالك مأمولك ..
فلما رآها الأمير طارق ،و سمع صوتها صاح، وهبت عليه ريح الشوق و الارتياح ، ثم هجم على الخطاف بضربة قوية ، فنزل السيف في جمجمته و نزل يهوي إلى سرته، فنظرت العربان إلى تلك الضربة العجيبة ،و قالوا:
ـ خلوا الرجل، و لا تتعرضوا له بأذى مهما كان ..
ثم قال بعضهم لبعض :
ـ هذا هو الصواب و الأمر الذي لا يعاب ..
و بعد ما استرجع طارق فتون من يد الخطاف وسار حتى قضى على الغطريف الجبان ، سار الامير طارق بالهودج و هو فرحان ، و في كامل السرور و الانشراح، و عاد به في الحال الى الديار بالأفراح، و قد فرح الجميع بقدومه و خلاص الأميرة فتون من الأتراح ..
أما ماكان من الأمير طارق فقد سار إلى مجلس عمه النعمان، فظن عمه أن الغطريف و الخطاف ما زالا بالحياة ، فتخرب دياره و يكون عليه في ذلك الانتقام ، و لما سأله عن الأحوال و ما حدث معهما و صار ،فقال له طارق:
ـ اهنأ يا عم ،أما عن الخطاف فقد قتلته و على الارض جندلته ، و أما عن الغطريف فقد سقيته الموت الزؤام.
و وضح له كيف انتزع فتون من الخطاف ،ثم سأله أن يزوجه بابنة عمه في الحال ،كما وعده.
فقال له عمه :
ـ أنا اريد الصداق على كل حال ، ثلاثين ألف دينار و أربع آلاف ثوب من الديباج، فإذا اتيت بكل ذلك ،زوجت ابنتي لك..
قال الأمير طارق :
ـ يا سادات العرب اشهدوا على هذا المقال .
قال الراوي ـ يا سادة يا كرام ـ فلما سمعت العرب ذلك شهدوا على ذلك الكلام وكتبوه عليهما بالتمام ..
و لما امسى المساء، نادى طارق بخادمه فلاح و أمره أن يشد له الجواد ، ويصحبه بنجيب يشد عليه الماء و الزاد ، ثم إنه أرسل في وداع بنت عمه فودعته باكية بالدموع و هي تقول :
ـ يا ابن عمي لا تنسى ودادي ..و لا تبعد إلى أقصى البلاد
و لا تركب طريق الموت حقا … و لا تبغي الفساد بكل وادي
أبي و حياتك شيخ سوء … كثير الغدر مبعود الرشاد
فودعها و سار و سلك البراري و القفار ، و هو لا يدري الليل من النهار ، و لا إلى أي الأماكن يقصد، فقال لخادمه :
ـ يا فلاح إن عمي قد قطع علي أموالا كثيرة و أرض الحجاز ما فيها شيء من ذلك ، و المال في بلاد العجم فاقصد بنا بلاد العجم، يقسم الله لنا فيها ما يقسم ..

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،