الحكاية الاولى من سيرة ذات الهمة… الحلم

الحكاية الاولى من سيرة ذات الهمة… الحلم

- ‎فيفن و ثقافة
178
6

تقديم
من خلال سيرة الاميرة ذات الهمة خلد الوجدان العربي امراة فارسة قاومت جيوش الروم و بيزنطة التي حاولت استغلال ضعف بعض الثغور في أرض الخلافة الإسلامية لتسلل منها إلى بلد العرب و المسلمين..
لقد كانت الأميرة ذات الهمة تواجه العدو مواجهات عسكرية و علمية ، وتنبه الخليفة إلى الأخطار القادمة من الغرب، وتقود الجنود و العيارين و الشطار لمواجهة الأعداء و الانتصار عليهم.
كما خلدت هذه السيرة آلام وانتصارات أشهر امرأة في الوجدان الشعبي العربي، الأميرة ذات الهمة ، صاحبة السيرة الشعبية العربية الوحيدة التي بطلتها امرأة،و يحكى انها فلسطينية الاصل نشات في ثغور الخلافة ، لذلك كانت تعمل على التحذير من أطماع الاعداء المشرفين على أرضها من جهة البحر ، خاصة زمن الخليفة هارون الرشيد .
و تعتبر سيرة الأميرة ذات الهمَّة وولدها عبدالوهاب ، أطول سيرة عربية على الإطلاق، وفقاً لمكتبة الدولة في برلين ومكتبة المتحف البريطاني .
تبلغ مخطوطاتها 23 ألف صفحة وتغطي أحداثها أربع حروب ، بين العرب والمسلمين من جانب، والتحالف الرومي البيزنطي، الذي تسميه السيرة الشعبية التحالف الرومي ..

إن سيرة ذات الهمة هي دليل سردي و رمزي على احترام الثقافة العربية للمرأة، كما أنها جزء من تلك السيرالشعبية العربية التي تعكس القلق العربي القديم، من مؤامرات كانت تُحاك ضد العرب و المسلمين شرقا و غربا ..
تاريخياً، تُغطِّي أحداث هذه السيرة حقبة ظهور الإسلام وانتشاره، من الخلافة الأموية إلى العصر العباسي والأزمة التي عاشها الصراع مع الفرس، فيما عُرف بنكبة البرامكة، وتنتهي أحداثها في عصر الخليفة العباسي الواثق بالله .
الحكاية الاولى من سيرة ذات الهمة.. الحلم

د محمد فخرالدين

كان بنو كلاب من القبائل العربية الابية الذائعة الصيت المعروفة بالكرم، و مع ذلك لم يكن الملك فيهم و الإمارة ،و لكنها كانت لبني سليم لشخص يقال له مروان بن الهيثم ..
و كان الحارث بن عامر بن خالد بن صعصعة بن كلاب فارسا من الفرسان وكان ظهوره في أيام عبد الملك بن مروان، و كان مستقره في أرض اليمن و كان لا يأوي الى مكان و كان صاحب غارات على أحياء العرب ممن دنا منه و من اقترب ..
و له زوجة تسمى الرباب و كانت ذات حسن و جمال و قد و اعتدال، و كان قد سباها في إحدى الغزوات فصاح فيه ابوها ان يأخذها بالحلال فلما سمع الحارث دلك الكلام اطلق الشيخ و ابنته و اهل قبيلته و ساق الى ابيها ألف ناقة و ألف دينار ذهب و قال له :
ـ خد يا عماه مهر ابنتك ..
فاحضر الاب مشايخ القبيلة و زوجه بها، فدخل الحارث بها و حملت منه و لما تكامل حملها رأت في منامها كأنها في صحراء و حولها القفار، و قد توجهت الى تل عال و قد انكشف لباسها ،و خرج من تحتها نار متاججة و لها الوان متوهجة فرجعت الى الارض و احرقت ما فيها ..
فأفاقت منزعجة و اخبرت زوجها الحارث فدهب الى شيخ عالم يفسر له الحلم و قص عليه سر المنام ..
فقال له الشيخ:
ـ ان هذه المرأة تلد مولودا له شأن و اي شأن ، و يخرج من صلبه ولد عظيم اعظم منه ، إلا خوفي على والدته من الموت عند ظهوره الى دار الدنيا و السلام ..
ففرح الحارث بكلام الشيخ و انعم على الشيخ إنعاما كثيرا ،ثم إن الشيخ كتب نسب الغلام على ورقة و طواه و جعله على قصبة من الفضة، و سلمه الى الرباب و قال لها:
ـ إذا وضعت الغلام فعلقيه على المولود..
تم انصرف الشيخ في حاله ..
و لم تمض ايام حتى مرض الحارث و مات ، و كان للحارث ابنة عم تسمى حسنة، و كانت حاملا منه فخافت على نفسها ، فارتحلت بمولودها الى قبيلة اخرى ..
و كانت العرب تخاف الحارث لشجاعته و سطوته، فلما مات اختلفوا من بعده و قد ارادت قبائل العربان الغارة على حيه و نهب امواله و نسائه …
فلما نظرت الرباب الى ذلك الهوان دعت بغلام لها و كان اسمه سلام و سارا بعيدا عن الديار في دامس الظلام ، و لما خرج بها من الحي عرج عن الطريق و هي لا تعلم ،و قصد بها قرب حي من احياء العرب و قد حدثته نفسه بالغدر فقالت:
ـ و يلك يا لئيم استعد بالشيطان الرجيم ..
فلم يزد الخادم ذلك إلا الاصرار و العناد و التنكيد، و دفعها بشدة على ظهرها ، وفي ذلك الأوان ادركها الطلق،ووضعت ولدا ذكرا كأنه فلقة قمر ، فقطعت سرته في الحال ، و لفته في قطعة من إزارها ،و عقدت على القصبة الفضية التي خطها الشيخ بنسبه، ثم انها أخذته في حجرها و القمته ثديها ففتح عينيه ..
اما ما كان من الخادم سلام فلما لم يدرك ما أراد ، فانه لمارآها ترضع طفلها الصغر زاد غضبه ، و علم انه لن يدرك مراده ،و خاف ان يفتضح امره فجذب حسامه و اطار رأسها ، ووقعت على الأرض على جنبها، و الولد في حضنها و الثدي في فمه ، و اخد العبد ما معها من المال و تركها ممدة على الرمال …

 

 

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،