الحكاية 24 من حكايات ابي زيد الهلالي: شجاعة الأمير ذياب

الحكاية 24 من حكايات ابي زيد الهلالي: شجاعة الأمير ذياب

- ‎فيفن و ثقافة
233
6

 

د محمد فخرالدين

ثم إن أبا زيد برز إلى الميدان و عارض الفرسان و نادى الزناتي ليبرز إلى الحرب و الطعان ..

أما ما كان من أمر الزناتي فلما علم بقدوم أبي زيد غلق الأبواب و لم يعد يفتح لأحد مهما كان ..

و فكر أبو زيد في الاحتيال على الزناتي و دخول المدينة والحصول على المال ، و قال:

أدعوا إلي الجازية في الحال؟؟

فدعوها فحضرت بين يديه و قال لها:

ـ مرادي تجمعين مائة بنت من بنات العرب و تحضريهن ..

ومن ساعتها أحضرت الجازية مائة بنت حسناء إلى أبي زيد ،فقام و لبس ثوبا ابيض مثل النسوان ،و وضع ذرعه و انحزم بسيفه و سار هو و البنات و الجازية ليلا إلى أن وصلوا إلى بوابة تونس فقال أبو زيد للجازية :

ـ اقرعي الباب ..

فلما سألها الحراس قالت:

ـ نحن من بنات العرب نحمل بضائع لنبيع و نشتري..

فرفض الحراس فتح الباب و ذهبوا عند الزناتي و أخبروه، فقال لهم :

ـ لا بد أنها حيلة من حيل أبي زيد ..

أما ما كان من أمر سعدا بنت الزناتي فقد خرجت من قصرها إلى الأمير حسن بن سرحان ، و أعلمته أن مقتل أبيها لن يكون إلا على يد الأمير ذياب، فأرسل سرحان في طلبه ..

أمر ذياب الرعيان بجمع المواشي و الأغنام و سار الجميع قدامه إلى بني هلال ، وساروا في موكب عظيم إلى أن وصل إلى أبواب تونس ، فلما وجد ذياب رؤوس بني هلال معلقة على السور و قد قتلهم الزناتي غضب ذياب غضبا شديدا ما عليه من مزيد ..

و لما وصل ذياب خرج الجميع للقائه و سار حتى وصل الى الديوان فدخل و سلم على حسن بن سرحان و ابي زيد فقاموا له على الأقدام و وردوا عليه أحسن سلام ، وأكرموه غاية الإكرام ..

و بعدها ركب كل واحد إلى بيته و تفرقوا كل واحد إلى محله، و لما أصبح الصباح نهض الأمير ذياب و سار حت وصل أمام أبواب تونس ، وطلب مبارزة الفرسان ،و لاعب فرسه الخضرا في الميدان، ولعب بالرمح حتى حير الأذهان، أما ما كان من امر الزناتي فقد أغلق عليه الأسوار وأبوابها وأوصدها بإمعان لا احد يدخل أو يخرج لا إنس و لا جان ..

فنادى ذياب حراس الأبواب و قال لهم :

ـ اذهبوا و اعلموا سيدكم يبرز للنزال …

فاعلموا سيدهم بذلك في الحال، فضاقت في وجهه الدنيا ونادى ابنته سعدا و لامها كونها لم تتركه يقتل الأسرى وإلا كان انتهى أمر بني هلال ، و لم يكن ذياب الآن يطلب منه القتال ، فقالت :

ـ لا تخف أنا أرده عنك في الحال …

تم بدأت تحث أباها على حرب ذياب و مبارزته، فيقتله كما قتل غيره من فرسان بني هلال ..

و أخيرا اقتنع الزناتي في هذا الشأن و نزل إلى الميدان وطلب نزال ذياب ،فاشتد بينهما الصدام و اهتزت الحرب تحت الأقدام، و اشتدت الحرب على الزناتي و ضيق ذياب عليه الخناق، و عاد يهاجمه على الخضرا و كأنه الصاعقة، فخاف الزناتي و انحل عزمه وولى من قدام الزناتي هاربا و الى النجاة طالبا ،و إلى أبواب تونس تراجع في الحال ..

و ذياب وراءه مثل الأسد الرئبال فهجم ذياب و عسكره على قوم الزناتي ،و التقت الرجال بالرجال، و جرى الدماء وسال على الرمال، و مات في المعركة فرسان و أبطال ..

و كان لتونس ثلاثة أبواب ،كل واحد منها خلف الآخر ففتحوها ليدخل الزناتي ، فلحقه ذياب و الأبطال من بني هلال ، و عظمت الأهوال و بطل القيل و القال، و استمر القتال إلى ولت الشمس للغياب و دقت طبول الانفصال فولى قوم الزناتي من خارج السور هاربين و إلى النجاة طالبين ..

ورجع ذياب و قومه إلى بني هلال فهنأوه بالسلامة و أكلوا و شربوا ،و حضر الأمير حسن و الأمير أبو زيد و جلسا معه في المنادمة و الكلام ، و أمر ذياب بذبح الذبائح وعمل الولائم ، و قال لهم غدا ألقى الزناتي و اقتله و نملك الغرب كما ملكنا الشرق ،و من يقتل الزناتي يكون سلطان البلاد…

فقال حسن بن سرحان:

ـ نحن أبناء عم و بين الأهل لا يوجد فرق و الرزق واحد والحكم واحد…

و لما أصبح الصباح برز ذياب إلى الميدان فبرز له الزناتي فانطبقا على بعضهما البعض ،و طال بينهما الطعن و الضرب من شروق الشمس إلى وقت الظلام ، حتى دقت طبول الانفصال و انفصل الفريقان عن القتال، فلما أصيح الصباح طلعت بني هلال من خيامها و ركبت سوابقها ،وأما الزناتي فأغلق أبواب تونس و ما عاد يستطيع الخروج الى الميدان خوفا من الأمير ذياب أن يقتله ..

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،