الحكاية التاسعة من حكايات ابي زيد الهلالي

الحكاية التاسعة من حكايات ابي زيد الهلالي

- ‎فيفن و ثقافة
183
6

 

د. محمد فخر الدين

 

عند ذلك دقت الطبول وركبت الفرسان ظهور الخيول و ركب الأبطال و استعدت الرجال للحرب و القتال …. و برز احد فرسان الدبيسي و أراد المبارزة و النزال فنزل إليه الأمير دياب من بني هلال ..فجالا في الميدان تلاصقا و تفارقا و تجاولا و تطاولا إلى أن فاجأه ذياب و تغلب عليه ،و كذلك فعل بمن نزل إليه من الخصوم حتى قتل منهم فرسانا كثر قبل أن تأذن الشمس بالرواح و يسدل الليل بالاعتكار .

تم تفرق الجيشان و طلب العساكر الراحة فلما كان الغد نزل الوزير إلى الساحة و طلب النزال ، فنزل إليه الأمير ذياب و سرعان ما تغلب عليه و على الأرض جندله و عندئذ أمر الدبيسي رجاله بالهجوم العام فصمدت لهم فرسان بني هلال و ردتهم و عاد الدبيسي إلى مضاربه غاضبا و قرر أن يخرج بنفسه في الغد ..

و في الصباح برز الدبيسي إلى الميدان يطلب النزال و الطعان و صال و جال في ساحة القتال ،و صاح :أين فرسان بني هلال فلتبرز الآن إلى ساحة القتال..

فما أتم كلامه حتى صار الأمير ذياب أمامه و أخذ معه في الحرب و القتال و عظمت بينهما الأهوال حتى حل الزوال ،و دقت طبول الانفصال ..

و لما أصبح الصباح و أضاء بنوره و لاح ، عزم ذياب على الركوب، فاعترضته ابنته باكية فتعجب و قال لها: اعلميني بما اصابك و ما يبكيك ؟

قالت :

ـ مرادي ان تتوقف اليوم عن الحرب لأني رأيت مناما أفزعني..

فرد عليها :

ـ لا تخافي فانه أضغاث أحلام فلا بد من الحرب و الصدام ..

و تقدم ذياب إلى الميدان فوجد الدبيسي بانتظاره فتعاركا و تلاصقا و تبادلا ضربيتين ، فكانت ضربة ذياب أسرع فاتقاها الدبيسي بمعرفته ، و هجم على دياب فطعنه بالرمح طعنة قوية فجاء الرمح في فخده فسالت دماؤه و ايس من الحياة ..

و كان الدبيسي يريد أن يجهز عليه ، و إذا بفارس من بني هلال هجم عليه كأنه قلة من جبل ، وخلص ذياب من يد الدبيسي ، و رجع به إلى المضارب تم اقتحم الصفوف ، و هو ينادي : ـ أتاكم ليث الأعادي أبو زيد فمن يجيب المنادي إذ ذاك حملت الفرسان من كل جانب و حمل الحسن بن سرحان و تبعته السادات و الفرسان ، و اشتدت الأهوال و تمددت الأبطال على وجه الرمال، و ما زالوا في اشد قتال حتى حل الزوال ، و كانت عساكر الدبيسي قد أسرت في ذلك النهار عشرين فارسا من فرسان بني هلال، فلما شاهد الامير حسن بن سرحان تلك الأهوال خاف على بني هلال من الهلاك والوبال ، فلما رجع إلى المضارب استشار الجميع في الرأي فأشار ابو زيد بطلب النجدة ثم الهجوم على العدو..

أما ما كان من أمر الدبيسي فانه جمع الأسرى و أرسلهم إلى الحبس ،و لما أصبح الصباح و أشرق بنوره و لاح ،اصطف الجيشان و تقابل الفريقان، برز القاضي بدير إلى الميدان و طلب مبارزة الفرسان ، فبرز إليه فارس و كان من الأبطال و تجاولا و تصاولا و لم يزالا في حرب و طعن يشيب الولدان إلى قريب الزوال ، ثم أن القاضي بدير تغلب على الفارس و هجم عليه كالفاسد الكاسر و طعنه بالرمح في صدره فخرج يلمع من ظهره ..فوقع على الأرض يتخبط بعضه في بعض فعند ذلك دقت طبول الانفصال و رجع القاضي بدير من المعركة فالتقاه بنو هلال بالإكرام و الإجلال ..

و لما أصبح الصباح و أضاء بنوره و لاح على الروابي و البطاح فتواثبوا للحرب و الكفاح فبرز من قوم الدبيسي فارس طلب مقارعة الفرسان فبرز إليه العقيلي و هو أخ ابو زيد فتقدمه و صدمه صدمة جبار، و صار كلما تقدم إليه فارس جندله، إلى أن صار الزوال و دقت طبول الحرب بالانفصال و رجع العقيلي إلى بني هلال فهنئوه بالسلامة ..

أما ما كان من أمر الدبيسي فقد تنغص عيشه وزاده التنكيد و غاب عنه النصر و التاييد، و في اليوم التالي برز الدبيسي إلى الميدان و طلب البراز و الصولان ، فبرز البيه غنيم بن مفلح ، و ما زالا في قتال شديد و حرب ما عليها من مزيد حتى صارت الشمس في وسط النهار و كان الدبيسي قد ظهر على خصمه اشد الاستظهار فاقتلعه من سرجه مثل العصفور و سلمه الى أصحابه فأوثقوه بالكثاف ثم صال الدبيسي و جال و طلب من جديد مقارعة الابطال ، ثم برز إليه الأمير زيدان و صارا يتحاربان مدة ثلاث ساعات من الزمان بينما كان زيدان راجعا إلى مكانه ضرب الدبيسي حصانه ، فسقط على الأرض فاخذه أصحابه و أوثقوا كتافه ، أما بنو هلال فهاجوا و ماجوا من تلك الأحوال ، و طلبوا منه أن يخلص الفرسان من الآسر و الهوان …

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،