الحكاية السادسة.. أبو زيد عند الزناتي

الحكاية السادسة.. أبو زيد عند الزناتي

- ‎فيفن و ثقافة
173
6

 

د.محمد فخر الدين

 

قال الراوي :

فبينما هم على ذلك الحال في انشراح و هدوء بال ، إذ أقبلت عليهم جماعة من العساكر و الفرسان و الشجعان ، و احاطوا بهم في المكان ، و أغلقوا عليهم أي منفذ للهروب أو الرجوع ، ثم إنهم هجموا عليهم في الحال بالسيوف و النبال ….

فدار بهم ابو زيد من جهة الشمال و لم يقدروا عليه في الحرب و القتال فقتل منهم عدة رجال ، و قبضوا على مرعي و يحيى و يونس في الحال و أوثقوهم بالقيود و الأغلال و لم يقدروا على ابو زيد فقد كان فرسا صنديد و شيطانا مريد ..

فتقدم اليه العلام على انفراد ،و قال له :

ـ من تكون من الكرام الأسياد و ما سبب قدومك إلى هّذه البلاد ؟

فقال أبو زيد :

ـ اننا شعراء م بلاد الشرق و عادتنا ان نمدح الامراء و كبار الخلق و بمعنا بالزناتي خليفة و شما ءله اللطيفة فقصدناه لاجل هدا الغاية و لم نك نتوقع هده النهاية

و كان وصولنا ام فبتنا في هدلا المكان من حيث اننا غرباء الى ان هجمتم علينا دون ان نعلم المقصود و اعلم ان اسمي محمود و ام جماعتي شداد و جماد و مسعود

قال له العلام لقد كدبت في الكلام و تكلمت بالمحال ما انت الاالامير ابوزيد صاحي المكر و الكيد و اما رفاقك فهم مرعي و يحيى و يونس

ثم صاح ب الجنود امسكوه و لا تادوه

فانطبقت الفرسان على ابي زيد حتى قبضوا عليه و اخدوه مع باقي اصحابه الى عند الزناتي خليفة

و لما دخلوا عليه و مثلوا بين يديه و معهم العلام قالوا

يا مولاي اعلم ان هدا العبد قد حاربنا و قتل منا ابطالا و رجالا و فرانا

فاغتاظ الزناتي و تكدر من هدا الخبر و قال من تكون يا اخس العبيد

ـ نحن شعراء نقصد الكرام من أجل العطاء و الإنعام، و هّذه عادتنا في كل عام من سالف الأيام ، و قد قصدناك من بلاد العرب طامعين في نصيب الفضة و الّذهب ..

و كنا في تعب و ضيق من تعب الطريق فحدنا عن الطريق ، و دخلنا الى بستان كأنه قطعة من الجنان ، فلم ندر متى هاجمنا الفرسان و هم مدجيين بالسيف و السنان ، و دافعنا عن أنفسنا حتى وقعنا في الأسر و الهوان ..

فلما سمع الزناتي هدا الكلام أدركه الابتسام و قال :

ـ يا مناجيس ما انتم إلا جواسيس لا بد من قتلكم يا أوغاد على رؤوس الأشهاد وتتفرج فيكم كل العباد ..

و كان الزناتي قد وقف على الخبر اليقين من ضراب الرمل و المنجمين ، و بعد تشاور مع المجلس و الأكابر استقر الرأي على شنق أبي زيد و يحيى و مرعي و يونس…

فأخذتهم العساكر يجرونهم و هوم في السلاسل و القيود يرجون الفرج من الكرلايم المعبود ..

وحدث من عجائب الاتفاق و غرائب ، أنهم مروا بهم و هم في تلك الحال ، تحت نوافذ و شرفات قصر الأميرة سعدة بنت الزناتي خليفة ، فلما سمعت حركات السلاسل و أصوات القيود و همهمات الجنود ، نظرت إلى فعرفتهم في الحال و لم تحتج الى سؤال ، فطلبت الجارية مي في الحال ، و طلبت منها ان تحقق في الأحوال..

فاطلت الجارية من الشباك ، فلما امعنت فيهم النظر و هم يساقون كالشاه و البقر ، إلى القتل و الخطر ، اعتراها الهم و الكدر، و قالت لمولاتها :

ـ اعلمي يا مولاتي و زينة حياتي أن هؤلاء الثلاثة هم مرعي و يحيى و يونس ، أما هذا العبد الرابع فهو ابو زيد صاحب السير و الوقائع ..

فلما سمعت الأميرة سعده هدا الكلام تبدل نهارها بالظلام لأنها كانت تعلقت بمرعي دون الأنام لما سمعت فيما سبق من شمائله ، فصاحت بالعساكر و الجنود :

ـ ارجعوا بالأسرى إلى الديوان ، و إياكم أن تقتلوهم فيحل بكم الأذى و الانتقام ..

فأجابوا أمرها بالطوع و سارعوا بالرجوع ، أما الأسرى فقد حل بهم الفرح بعد الخوف ، بعد ان ايقنوا بالهلاك وقريب الحتوف ، و شكروا في قرارة نفوسهم الخالق الرؤوف ، و حمدوه على هذا المعروف ..

اما ما كان من امر سعدة فقد لبست أجمل الثياب و تعطرت بالاطايب و سارت إلى مجلس أبيها ، و كان ابوها جالسا في صدر الديوان ، و حوله الوزراء و كبار الأعيان ، فدخلت عليه و سلمت و قبلت الارض بين يديه ، فنهض لها بالأقدام و احترمها غاية الاحترام ، و كذلك كل من كان في المجلس تم سألها عن أحوالها و عن السبب الذي اقلق بالها ….

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،