الحكاية الرابعة .. ابوزيد يعيد مغامس إلى ملكه

الحكاية الرابعة .. ابوزيد يعيد مغامس إلى ملكه

- ‎فيفن و ثقافة
229
6

أما ما كان من سعيد الغدار فانه أرسل في طلب شاه الريم و أمر امها أن تجهزها ليتزوجها في الحين ، فلما سمعت شاه الريم هذا الكلام كان أشد عليها من وقع الحسام ، و جعلت تبكي على ابن عمها مغامس و على ما صار له من الأمور العظام ، و لما زاد عليها الحال و تمنت الموت الزؤام على الزواج بسعيد بن اللئام ، قالت لها أمها :
ـ اعلمي أن الصبر مفتاح الفرج ، و لا بد للليل من البلج ، و هذا سعيد فارس عنيد جبار و بطل صنديد لا يشق له غبار ، و ابن عمك مسكين فقير الحال لا مال و لا رجال …
فلما سمعت شاه ريم هذا الكلام صبرت على حكم رب الأنام ، وأسلمت أمرها للقادر المنان..
و كان سعيد قد صنع وليمة عظيمة جمع فيها الأعيان و الأكابر و سادات القبيلة ، و أقام احتفالا عظيما فرحا بزواجه بشاه الريم، و دقت المولدات المطربات بالدفوف و لعبت الفرسان بالرماح و السيوف ..
فلما سمع ابن عم شاه الريم مغامس أصوات الطبول و علامات الفرح و السرور ، قصد الخيام تحت ظلام الليل ، و عندما علم خبر زواج سعيد بابنة عمه شاه الريم ، صار الضياء في عينيه ظلام و أدركه الوجد و الغرام ، و عاد إلى أمه حصير البال ، يشكو لها ما حل به من الوبال ، لعله يجد عندها بعض العزاء ..
و حصل في تلك اللحظة بالذات و بالاتفاق العجيب مرور أبي زيد قرب الخيام فسمع كلامهما و شكواهما ، فوقف يسال عن السبب و في حصول هذا الأمر العجب ، فرحبا به غاية الترحيب و أدخلاه إلى خيمتهما وأعلماه بكل ما جرى من خادمهما سعيد الغدار ..
و خرج من عندهما أبو زيد قاصدا ديار سعيد ، و لما اقترب منها بدا يعزف على الرباب عزفا جيدا ، فلما سمعه احد الرعاة أخبر سيده سعيد أمره ، فدعاه إليه ولما دخل على سعيد لم يحترمه ، و لا اهتم به ، فتأثر ابو زيد من فعله و من سوء خلقه و عناده و عزم على قتله و تعجيل مرتحله …
وكان معه مرعي و يحيى ، فلما سأله سعيد عن سبب قدومهم إلى البلاد ، و كيف تأخروا في المثول بين يديه :
قال أبو زيد :
ـ ما أتينا إلا لمدحك و لنتشرف بمقامك ،لكن وصلنا في الظلام و لم يكن الوقت مناسب للقدوم إليكم و تقديم السلام و الاحترام ..
وجلس قربه و احتك به و قام بمضايقته في مجلسه ، و ألقى مرعي قصيدة يتوعده فيها و يهدده ، وكذلك يحيى هجاه بكلمات نابية شديدة ، و كذلك يونس فعل نفس الشيئ …
فغضب سعيد غضبا ما عليه من مزيد و فقد رشده و خرج عن طوعه و أدركه غضب شديد ما عليه من مزيد ،و أراد أن يقتلهم جميعا و يبطش بهم في الحال دون سؤال ، لكن أبا زيد كان أسرع منه فحمل عليه و ضربه بسيفه على رأسه في الحال فقسمه شطرين و عجل بمرتحله الى النار و بئس القرار…
ثم أفنى كل من كان في مجلسه من خلانه و رفقائه و عاكره و فرسانه و من تبقى منهم ولى الأدبار في البراري و القفار …
فلما انتهى منهم جميعا جمع أفراد القبيلة ، و قال لهم :
ـ أريد الآن أن أعيد الحق إلى صاحبه ، و مغامس إلى كرسيه بعد ان خلعه منه خادم أبيه سعيد غصبا ، فما تقولون ؟
فهللوا جميعهم و كبروا ووافقوا جميعا على ذلك تمام الموافقة ..و شكروه على ما قام به من معروف فكان اليوم عيد بالتخلص من العنيد سعيد …
و عندئد ركب الجميع إلى مغامس ،و هم في منتهى الفرح و السرور ، و الرجال يكبرون و يهللون و النساء في رقص و غناء و فرح و حبور ، و قد لبن و تزين بأحسن لباس..
فلما وصلوا إليه أخبره أبو زيد بواقع الحال ففرح مغامس بهذا الخبر السعيد و زال عنه القلق و الضجر و التنكيد ..

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،