الحكاية الثانية من حكايات ابو زيد الهلالي

الحكاية الثانية من حكايات ابو زيد الهلالي

- ‎فيفن و ثقافة
275
6

 

د. محمد فخر الدين

دخل الامير مفرج و ابنته على الأمير حسن فطيب خاطره و احترمه غاية الاحترام، و قال له :

ـ و حق الانام يصعب على السماع لهذا الكلام لانه يحرق فؤاد السامعين…

ثم أمر له بكيل من الطحين و أن يعود بابنته في الحين فرجع بالصبية و هو فرحان و عاد من حيث جاء…

فسبقه الامير حسن وركب و تزيا بزيه ووصل قبله ،و أعلم الأمير ابو زيد بما فعله ..

و لما وصل مفرج الى الخيام أعلم زوجته بما صار و كان ، و طلب منها ان تصنع العشا حتى يأكل الضيوف فقامت بصنع قرص من الخبز و قدمه مفرج الى الضيوف و هو فرحان ملهوف وقال بالترحيب :

ـ باسم لله تفضلوا و كلو و اعذروني عن القصور فاني و الله معذور

فقال ابو زيد :

ـ لو جلست معنا كنا في غنى عن هذا التعب لانه يوجد معي من الزاد مايسد رمق الفؤاد …

و افرغ ما في الخرج من الطعام ، فشكره مفرج و جلس يباسطهم بالكلام الى ان حان وقت المنام فتركهم و رجع الى فراشه و نام …

و لما طلع النهار ركبوا مطاياهم الى القفار و لما اقتربوا من واد سلامة سمعوا صياحا وضجيجا عظيما ..فتقدموا لمعرفة الخبر فوجدوا جمهورا من الرجال و الشبان و النساء و الصبيان و هم يصيحون بقلب موجوع من شدة الجوع ،و قد سالت على وجوههم الدموع …فتقدم اليهم الأمير حسن و فرق عليهم جوائز الإنعام و طيب خاطرهم بالكلام …

ثم ساروا الى المضارب و الخيام و استدعى اليه سادات القبيلة و اكابر الجماعة و جعلوا يتفاوضون في امر المجاعة ..

فاتفقوا على الرحيل بالأهل و العيال و أن يذهب ابو زيد الى بلاد المغرب و يبحث الأحوال و ياتيهم بحقيقة الاخبار …

فقال ابوزيد :

ـ كل ما استحسنتموه فهو جميل لكن المسافة هي بعيدة و احتاج ان يكون معي جماعة من سادات القبيلة …

قال ذياب :

ـ هذا امر من اسهل الامور فخذ معك ما شئت من الجمهور …

قال ابوزيد : متى طلع النهار يوفقنا الله لما يشاء و يختار

ثم عاد الى الديار و هو في قلق و اهتمام فقامت له زوجته على الاقدام و قالت له بكلام الدلال …و سألته عن الحال فاعلمها بما تم من الاختيار ..و كيف أجمعوا أمرهم على أن يرسلوه إلى تونس و أنه لا يوجد من يعتمد عليه في المؤانسة و المعاونة على مشاق الطريق …

فقالت له : أنا أرشدك إلى حيلة تجنبك هذا السفر الطويل و هو أنه عند الصباح تدخل على الأمير حسن ، و تطلب منه أن يرافقك مرعي و ويحيى يونس فإنهم من ابناء الاعيان ..

فاستصوب هذا الكلام و في صباح الغد حضر الى مجلس الامير حسن فالتقاه بالاكرام و قال له :

ـ أنا في اتم الاستعداد للذهاب الى تلك البلاد ..إلا اني اريد ان يكون لي رفاق و أصحاب من سادات الأعراب لان المسافة بعيدة و مشقات الطريق شديدة …

قال الأمير حسن : خذ معك من تريد من الفرسان الصناديد ..

قال : أريد أن آخد معي يونس و يحيى و مرعي فهم ممن يعتمد عليهم في الطريق ..

فاستعظم الأمير حسن هذا الطلب خوفا عليهم من العطب لكنه سمح لهم اخيرا ان ياخذهم معه و في اليوم الثالث تجهزوا للسفر و ركب الامير حسن في سادات القبيلة و أكابر الاعيان ..و ساروا لوداعهم ثلاثة ايام …

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،