لم يستبعد الدكتور رشيد لزرق، قيام الجناح الدعوى المنخرط في المشروع الإخواني خاصة بوجود قيادي في التوحيد و الإصلاح ضمن ما يعرف باتحاد علماء المسلمين، أن يكون له يد في تأجيج الوضع بين المغرب ومصر.
وحذر الدكتور لزرق، من سقوط المغرب في الفخ و الدخول في صراع كلي ومباشر مع مصر، موضحا أنه ليس من مصلحة مصر و لا من مصلحة المغرب، وأن قيادات الإخوان تحاول افتعال ذلك، والحصول على ملجأ في المغرب بعدما بدأت قطر ترفع يديها عنهم، مبرزا في هذا السياق أن قيادات في جماعة التوحيد والإصلاح الجناح الدعوى لحزب العدالة و التنمية( إشارة الى أحمد الريسوني)، يشغل في نفس الوقت نائب الرئيس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين .
والجدير بالذكر فرشيد لزرق، حاصل على دكتوراه في العليا المعمقة في القانون العام تخصص الدبلوماسية العليا المعمقة في القانون العام تخصص الدبلوماسية المغربية، له العديد من الدراسات حول الانتقال الديمقراطي وعضو في العديد من مراكز الدراسات البحث، له العديد من المقالات حول الحداثة في المغرب، له دراسات حول تقديم العرائض، خبير في القانون البرلماني، خبير في النظم الانتخابية.
ماهو تعليقكم حول هذا اللغط الإعلامي فيما يخص قضية ما صار يعرف المغرب ومصر؟
• قبل التطرق للغط الإعلامي الذي افرزه طريقة تناول القناتين المغربية للشأن المصري، يجب وضع النقاش في سياقه في وقت دقيق تمر منه منطقتنا العربية وعلاقتها البينية، خاصة بعد بروز مد يعادي المغرب و مصالحه الاستراجية و لماذا المغرب بالذات ؟
نسألك نفس السؤال .. لماذا المغرب بالذات وليس بلدا آخرا؟
• لقد عرفت المنطقة حراكا شعبيا انطلق من تونس و اجتاح دول المنطقة من بينها المغرب، عبر خروج الشباب المطالب بالحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية، و اذا كانت طبيعة النظام السياسي المغربي تفاعلت مع الحراك الشبابي ايجابيا، عبر خطاب 09 مارس، و الذي أعطى الخطوط العريضة لدستور ،2011 و تنظيم الانتخابات التشريعية التي أسفرت عن فوز العدالة و التنمية و تعيين عبد الإله بنكيران، فان مصر عرفت منعطفا مخالفا ابتدأ بتنحية الرئيس السابق حسني مبارك و تنظيم انتخابات رئاسية أسفرت عن وصول الرئيس مرسي لرئاسة الجمهورية العربية المصرية، و لم يقف مخاض النظام السياسي عند هذا الحد، بل شهدت الساحة السياسية تجاذبات بفعل إحساس باقي الحساسيات السياسية المخالفة للتوجه الإخواني بالإقصاء و اتهامها لحركة الاخوان المسلمين بخدمة أجندة فوق وطنية، و اضطهاد الأقليات، فنتج عنها حراك مضاد عجزت التجربة الديمقراطية الفتية عن تسوية اختلافاتهم عن طريق السبل الديمقراطية.
بحكم خبرتكم السياسية، هل ما حدث في مصر ثورة أم انقلابا عسكريا؟
• من الصعب علميا الحسم بكون ما حدث في يوم 03 يوليوز بكونه ثورة او انقلابا عسكريا، إذ برز في الوسط العلمي جدل حقيقي بخصوص توصيف ما حدث في مصر، فبرز طرحان: الطرح الأول يذهب إلى كون ما حدث هو انقلاب، سنده في ذلك تدخل الجيش و خلع الرئيس الشرعي المنتخب بطريق غير ديمقراطية، و طرح يذهب الى كون ذلك ثورة على اعتبار ان تدخل المؤسسة العسكرية جاء بتفويض شعبي، على اعتبار ان السيسي قبل تنحية مرسي، قام بدعوة الجماهير في يوم 24 يوليوز 2013 للاحتشاد يوم الجمعة، كتفويض من الشعب للمؤسس العسكرية، في وجه ما سماه السيسي ب ” “العنف والإرهاب المحتملين”، في تظاهرة شعبية عارمة قبل القيام بعزل مرسي .
السؤال الذي يطرح هنا الى أي حد يمكن اعتبار الانتفاضات الشعبية تفويضا ديمقراطيا لخلع الحكام. فحسني مبارك بدوره خلع عقب انتفاضة شعبية في ميدان التحرير؟.
• هو مطلب جماهيري جاء تحت ضغط الشارع عقب تزايد السخط الشعبي من الإخوان ، كما ان الجيش لم يعمل على الاستحواذ على السلطة بل تم إسنادها إلى رئيس مدني و قوى سياسية ضمن برنامج زمني محدد من اجل استئناف العملية الديمقراطية.
الأحداث الاخير التي شهدتها مصر، هل يمضي البلد فعلا الى ممارسة الديمقراطية؟
• ان التجارب الدولية عرفت مثل هذا المنعطف، على سبيل المثال تجربة كوريا الشمالية التي تمكنت عبر تدخل الجيش من إزاحة النظام الشمولي و انحياز المؤسسة العسكرية للجماهير الشعبية ضد نظام قمعي و استطاعت بذلك توطيد الديمقراطية و معالم الدولة المدنية. و الحال أن التجربة المصرية لم تحقق بعد التراكم الديمقراطي المطلوب لكون الوضع شهد تقهقرا عقب اتساع حملات الإقصاء والتحريض على العنف والعنف المضاد ، الأمر الذي اخرج السياسة من المؤسسات إلى الشارع، و جراء حملات التخوين، بتنا امام خفوت لدور الأحزاب و النقابات وباقي المجتمع المدني، في المقابل نجد أن الجيش بقي في قلب المعترك السياسي، مما جعل باقي الفاعلين السياسيين في وضعية حرجة بين الجناح الداعم للرئيس المخلوع مرسي و الجناح المعارض له و هو ما يفسر حالة اللا استقرار لحدود اليوم.
لكن المغرب سارع حينها الى تهنئة السيسي رسميا أفقيا وعموديا، الا ترى معي الأمر له علاقة بقوى خارجية عكرت صفوة العلاقات بين البلدين؟
• المغرب عمل على دعم التجربة المصرية من خلال رسالة التهنئة التي بعتها جلالة الملك للسيسي عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية، كما ان وزير الخارجية السيد صلاح الدين مزوار شارك في حفل تنصيب السيسي و شهدت العلاقات المغربية المصرية توطيدا في الجانب السياسي، اذ تم استقبال السيد وزير الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار فى 5يوليوز2014، من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة . و على إثره نقل السيد مزوار للرئيس السيسي تحيات وتقدير الملك محمد السادس ملك المغرب وتمنياته لمصر دولة وشعبا بكل الخير والتقدم والازدهار، كما نقل دعم جلالته الكامل لمصر ولكل ما يرتبط بتحقيق استقرار ورفاهية الشعب المصري وتطلع المغرب لاستمرار التنسيق والتعاون بين الجانبين ولاسيما من خلال عقد اللجنة العليا المشتركة بينهما وتفعيل دور القطاع الخاص، وبناء شراكة جديدة بين البلدين. طلب السيسي نقل تحياته وتقديره إلى العاهل المغربي متمنياً للمملكة المغربية ولشعبها الشقيق كل رفعةٍ ورخاء. وتم خلال اللقاء استعراض عدد من القضايا الإقليمية والإفريقية ذات الاهتمام المشترك. أكد السيسي على أهمية دورية انعقاد اللجنة العليا المشتركة وكذا تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والاستثماري القائمة مع المغرب، من خلال مضاعفة حجم التبادل التجاري الذي لا يتجاوز حالياً 600 مليون دولار، وتطلعنا إلى تحقيق شراكة فيما بين القطاع الخاص بالبلدين، باعتبارهما قاطرة النمو الاقتصادي. كما قام وزير الخارجية الأسبق نبيل العربي بزيارة للملكة المغربية فى 20 يناير 2014 و التى عكست إرادة سياسية قوية لدى الجانبين لتعزيز التعاون الثنائي وإقامة مشروعات مشتركة.
و على الجانب الأمني، تم زيارة اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية على رأس وفد أمنى رفيع المستوى لمدينة مراكش بالمملكة المغربية فى 11مارس2014 للمشاركة في فعاليات الدورة الحادية والثلاثين لمؤتمر وزراء الداخلية العرب.
أنا أقصد بسؤالي الجزائر و دورها في الخلاف ؟
• يجب أن نعلم أن الجزائر تتلاقى مع النظام المصري في طبيعة نظامهما، و في تخوفهما من الإخوان، باعتبار طبيعة تنظيم الإخوان له أجندة دولية، بينما رهان السيسي هو ضمان الاستقرار الاجتماعي، في ظل فترة يُرشح فيها ان تقل المساعدات الخليجية، وفي وقت تعرف فيه أسعار البترول نزولا ، و مصر في حاجة لمنفذ للحصول على تسهيلات الغاز بأثمنة تفضيلية. لهذا فإن الجنرال السيسي اتجه الى التقارب مع الجزائر، هذا التقارب يُعزى لتخوف النظامين معا من امتداد التنظيم الاخواني في المنطقة.
إذن هي المصالح التي تحرك سياسية البلدان ؟
• نعم، العلاقات الخارجية تقوم على المصلحة، فكل دولة تطمح الى تحقيق مصالحها بعيدا عن تقديرات الدول الأخرى، و هنا أنا شخصيا استبعد كون السبب في توتر العلاقات بين المصر و المغرب نتيجة للزيارة الملكية لتركيا ، فالمغرب عرف تاريخيا باستقلاله و حرصه على سيادته، كما أن زيارة ملكية لأنقرة لا يمكن أن تغير من موقف المغرب اتجاه مصر، فتركيا لنا معها اتقافية التبادل الحر، و هنا لا استبعد قيام الجناح الدعوى المنخرط في المشروع الاخواني خاصة بوجود قيادي في التوحيد و الإصلاح ضمن ما يعرف باتحاد علماء المسلمين ، سبق له و ان شكك في مؤسسة امارة المؤمنين .
في هذا السياق فإن الحملة الإعلامية المغردة التي قامت بها بعض وسائل الإعلام وبعض القوى في مصر، يجب فهمها ضمن اتجاه الضغط على المغرب، لما تعرفه من مكانة لقضية الوحدة الترابية للمغرب، و رد الفعل المغربي جاء بنفس الأسلوب عن طريق وسائل الإعلام الرسمية.
أنا استنبط من حديثك أن حركة الإخوان المسلمين هي من افتعلت هذه القضية بين المغرب ومصر؟
• بداية يجب أن لا نسقط في الفخ و الدخول في صراع كلي و مباشر مع مصر، فذلك ليس من مصلحة مصر و لا من مصلحة المغرب ، فقيادات الإخوان تحاول افتعال ذلك، والحصول على ملجأ في المغرب بعدما بدأت قطر ترفع يديها عنهم ، خصوصا و ان قيادات في جماعة التوحيد و الإصلاح الجناح الدعوى لحزب العدالة و التنمية يشغل في نفس الوقت نائب الرئيس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين .
أنت تقصد حزب العدالة والتنمية .. لماذا؟
• لان ذلك يتعارض مع الأهداف الإستراتجية للمغرب و عزل المغرب عن محيطه الإقليمي،عبر الانجرار وراء ضغط العدالة و التنمية التي يدفع في اتجاه التصعيد، و بدل ذلك يجب على تنسيق المعارضة، أن يسارع إلى فتح القنوات مع القوى السياسية في مصر و شرح الموقف المغربي، خاصة و أن الأجواء الإقليمية تتجه لعودة مصر للعب دور محوري في النزاعات الإقليمية في ظل تراجع الولايات المتحدة و قطر على دعم الإخوان، الشيء الذي جعلها مؤهلة للعب دور محوري في الأزمة السورية. كما أن ذلك ينصب في تقوية الجناح المعادي للوحدة الترابية في العمق الإفريقي لان التصعيد مع مصر يدفع مصر إلى التقارب مع جنوب إفريقيا والجزائر.
حديثك يجعلني اقول ان الصدام بين المغرب ومصر هو في صالح حزب العدالة والتنمية المغربي؟
• نعم، كلنا لا حظنا في محاولة القياديين في العدالة والتنمية باستثمار هذا الصدام المغربي المصري و ما تلاها من اتجاه بنكيران إلى استثمار تعبير خبير إمارتي عن رؤيته الشخصية في قرأته للمشهد السياسي المغربي و المنطقة ككل في شبكة اجتماعية ، ليحولها بنكيران ويصورها بمؤامرة ضد حكمهم، و للتذكير فقط، فإن حزب العدالة و التنمية صمت عن تشكيك القرضاوي في إسلامية المغاربة . كما أن بنكيران لمح بكون موقف السيد ضاحي خلفان مدفوعا من قبل قيادة أحزاب المعارضة، المتحالف سريا مع ما يطلق عليه في أدبياتهم بالدولة العميقة، أي بين عدد من القوى الاقتصادية والبيروقراطية والأمنية. و هذا التلميح خطير لكونه فيه مساس بالسيادة المغربية ، و الحال أن شدة اهتمام حزب العدالة والتنمية بالموضوع، هو استغلال الفرصة للرد على دولة الإمارات الشقيقة عقب تصنيفها الريسوني ضمن الشخيصات الإرهابية.
