لا يحق لنا الاحتفال بعيد الحب.. !

لا يحق لنا الاحتفال بعيد الحب.. !

- ‎فيرأي
187
6

 

محمد بشكار
لأننا قد لا نتجاوز في الحب أنفسنا إلى الآخرين، فلا نستطيع إطعاما حتى للحَمَام، فبالأحرى الإنسان؛ لا يحق لنا الاحتفال بعيد الحب.. !
ولأن رؤوس آدم صارت تُقطع وأجساده تُحرقُ دون أن يكون في جنَّة أو يأكل تُفَّاحاً، فقط عبر الأنترنيت في هواتفنا وحواسيبنا، فلا نُحرك في الكلمة ساكنا فبالأحرى نُحرِّك أرجلنا التي شلَّها الهلع؛ لا يحق لنا الإحتفال بعيد الحب ..!
بأي وجه من قصدير، ما زال العالم قادرا في زمننا، على الاحتفاظ بيوم الرابع عشر من فبراير، عيدا للحب، وكل الأيادي الناعمة التي يجدر أن تنثر وروداً، فاضت دماءً، ولم تجد السماء من إسعاف روحي يُحقِّقُ التناغم بين اللونين الأحمر والأسود، سوى أن تخيم على العالم حِدَاداً؛ حقا صدقت السماء وكذب الإنسان، وما عاد شيء يعجبنا في زمن القتل اليومي، عبر الجرعات التي نتناول أخبارها المُرَّة من العراق وسوريا واليمن ومصر وليبيا؛ فلا أملك إلا أن أصرخ بحنجرة محمود درويش وليتها قذيفة: أمَا مِنْ أحدْ..؟!
هل حقاً يحق لنا الاحتفال بعيد الحب، بعد غَدٍ، أي يوم السبت، وكل الأيام قَلَبَتْ في أوجهنا ظهر المِجَنِّ، وصِرنا نعيش روزنامة في قرون أعمق دَرَكاً من وُسْطى؛ وكيف أحب وأنا أشعر دون حتى أنْ أرى أنَّ ثمة من يكرهني، ويتحَيَّنُ في الوقت سيفا، لينتزع من جنبي قلبا لا يصلح في نظره إلا للِشَّواء؛ أما الحب فلا يصلح أكلا إلا للذئاب..؟ !
لَكَمْ أحب أن يعتقدني أحدهم مخطئا في رفضي الاحتفال بعيد الحب، حينئذ سأشاطره تبريد النفس بالقول؛ إن الحب ليس مادة من ذهب أو تراب نمسكها باليدين، إنما هو كيمياء لا مرئي ينتمي لمضمار الشعورات، وليس رأسا تُقطع أو جسداً يُحرق؛ وقد أُوَافِقُ العَاشِقَ الحُبَّ، وأبعث لكل الحسناوات اللائي في هاتفي، باقة ورد إلكترونية تكاد تسبق الشفاه فتنطق عطراً، أو أضرب لإحداهن تنتظر فارسا ينقلها للسحاب، موعداً غرامياً، لأكون وأنا أحتفل بعيد الحب، في قلب الحدث دون مُصَوِّرٍ أو كاميرا طبعاً؛ أجل قد أوافق العاشِقَ كل الجنون الذي لا يخطُر على عقل، ولكنني لا أستطيع أن أنسى أني في عالم وافق أن تتمرغ إنسانيته لأحطّ من مرتبة الحيوان، فلم يتحرك قلبه حبّاً حتى لنفسه؛ أليس هذا الإنسان الذي يُذَبّحُ ويُقتَّلُ ويُحَرَّق، هو نفسه الإنسان..؟
هل ثمة نهاية للإنسانية، أبلغ مضاضة وألماً، من أن يصبح الإنسان كارها لنفسه التي ليست في حقيقة جنسها سوى كل إنسان في العالم..؟
يحقُّ لنا الإحتفال بنهاية العالم، أما الحب فهو أبعد عن قلوبنا بعد أن صارت كل أعيادنا حداداً..!
(افتتاحية ملحق “العلم الثقافي”، الخميس 12 فبراير 2015)

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،