وسقط قناع الديمقراطية عن الوزير الشوباني

وسقط قناع الديمقراطية عن الوزير الشوباني

- ‎فيرأي
162
6

 
وحدها مشيئة الله، تأبى إلا أن تتصدى لدعاة الطهرانية، المتلفعين بعباءة المظلومية، وتكذب مزاعمهم الخاوية، بإسقاط أقنعتهم الاصطناعية تباعا والكشف عن وجوههم الحقيقية. إنهم أولئك المنتسبون إلى الحزب الحاكم، الذي جاء أمينه العام الأستاذ بنكيران إلى رئاسة الحكومة، رافعا شعار “الإصلاح في ظل الاستقرار”، يقسم بأغلظ الأيمان على تحرير العباد، من أغلال القهر والاستعباد، قطع دابر الفساد ودك قلاع الاستبداد، والقضاء على أوكار الريع والمحسوبية والزبونية والاتكالية…
ففي وقت سابق، أقدم وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي الأستاذ: لحسن الداودي، الذي طالما شنف أسماعنا بتطهير الجامعة المغربية، واعتماد حكامة جيدة في تدبير شؤونها، على تسهيل انتقال “أخيه” القيادي في نفس الحزب الأغلبي، والعضو البارز في أمانته العامة، الأستاذ: عبد العالي حامي الدين، من جامعته الأصلية بطنجة عبد المالك السعدي، إلى كلية الحقوق أكدال التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، خارج الضوابط القانونية المنصوص عليها في الحركة الوطنية والجهوية، ومن غير مصادقة اللجنة العلمية للشعبة. وقد كنت أشرت إلى الواقعة في حينها عبر مقال تحت عنوان: ” وأين ضمير الأستاذ يا.. أستاذ؟ !”، صادر في جريدة الاتحاد الاشتراكي عدد: 10730 بتاريخ: 14 يونيو 2014، وفي مجموعة من المواقع الإلكترونية، دون أن يمتلك المعني بالأمر ومعه الوزارة الوصية الشجاعة الأدبية، لإصدار بيان حقيقة وتنوير الرأي العامة.
لم يكن بمقدورنا آنذاك التكهن بأبعاد ذلك الانتقال غير القانوني، إلى أن فوجئنا كغيرنا بفضيحة أخرى تنضاف إلى سجل فضائح حكومة الأستاذ بنكيران، بطلها هذه المرة عضو الأمانة العامة لنفس الحزب “العدالة والتنمية”، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني السيد: حبيب الشوباني، تداولتها على نطاق واسع العديد من صفحات التواصل الاجتماعي وبعض الصحف الوطنية.
ذلك أنه في إطار الامتحانات الشفوية، لانتقاء الطلبة المقبولين لولوج سلك الدكتوراة بكلية الحقوق أكدال، انكشف سر انتقال الأستاذ حامي الدين إلى العاصمة الإدارية، واتضح جليا أن رجالات الإصلاح المفترى عليه، لا يشغلهم في المقام الأول عدا اقتناص الفرص، بغية نيل الشهادات العليا تحسبا للقادم من الأيام، وتمهيد السبل للاستيلاء على المناصب السامية والتحكم في مفاصل الدولة، ما يجعلهم يفقدون أبصارهم وبصائرهم ويسقطون في شرك البدع، وهم يدركون أن البدعة ضلالة، وأن كل ضلالة في النار. فما الذي حدث؟
في الساعة التاسعة من صباح يوم الخميس: 8 يناير 2015، كان لمجموعة من الطلبة الباحثين، موعد لإجراء مقابلة شفوية لانتقاء المقبولين منهم في سلك الدكتوراة شعبة: القانون العام والعلوم السياسية بكلية أكدال. وبالفعل توافد الطلبة على القاعة المخصصة قبل حتى حلول الوقت المحدد، يعلوهم حماس الشباب المتفائل بالمستقبل، وكلهم إيمان راسخ بقدراتهم العلمية في تحقيق حلمهم الكبير. بيد أنه سرعان ما بدأت غيوم الشؤم تلبد فضاءهم، والقلق يستبد بأطرافهم، نازعا البسمة عن شفاههم، حين تم إبعادهم في مرحلة أولى من أمام القاعة المخصصة للمقابلة، ليباغتوا فيما بعد بمن يطالبهم بضرورة إحضار مشاريع الدكتوراة، التي سبق لهم تقديمها ضمن ملفات الترشيح، باعتبارها أحد أهم المعايير المعتمدة في قبول ترشيحاتهم. ساعتها أدركوا ببداهتهم أن شيئا ما يطبخ في الخفاء، دون أن يستبينوا طبيعته. ولسوء حظهم، تزامن إجراء تلك المقابلة مع اجتماع المجلس الحكومي، ليتضح جليا أن مماطلتهم حتى الساعة الواحدة والنصف بعد الزوال دون طعام، كانت بغرض تأخير لحظة الانطلاق إلى غاية نهاية الاجتماع، وحتى يتسنى ل”سعادة” الوزير الشوباني ضرب عصفورين بحجرة واحدة…
وبعيدا عن تداعيات ذلك الانتظار المقيت، ارتأيت التطرق المباشر إلى الطريقة المريبة، التي تم اعتمادها في دراسة ملفات حوالي 700 مترشحا، حيث اختير لها لغرض في نفس صاحب البرمجة، وقت كان فيه معظم الأساتذة يتمتعون بعطلة، وهكذا تكفل بالمهمة ثلاثة أساتذة فقط ! فضلا عما عرفه إجراء تلك المقابلة/المهزلة، من خرق سافر للقوانين المعمول بها في واضحة النهار، من طرف أولئك الذين ائتمنهم الشعب على مستقبل الطلبة وإدارة الشأن العام بالبلاد.
ذلك أنه لإجراء المقابلة الشفوية مع الوزير/ الطالب: حبيب الشوباني، تم تخصيص لجنة صورية، لعب دور “الناخب” في تشكيلها الأستاذ عبد العالي حامي الدين، دون حرمان نفسه من شرف العضوية ولا مراعاة مشاعر الطلبة. ومما زاد في منسوب السخط والاستياء وإثارة موجة عارمة من الغضب في صفوفهم، هو الانسحاب الفوري لتلك اللجنة بعد أداء مهمتها التي لم تكن أبدا مستحيلة، وحلت مكانها لجنة أخرى لإجراء مقابلات الانتقاء مع باقي المترشحين وسط وجوم واستغراب الجميع. والأفظع من ذلك كله، ما تعرضت له طالبة باحثة تدعى: شريفة لومير من إقليم زاكورة، والتي رغم ما سجلته من تجاوزات لم ترد لجذوة الأمل المشتعلة في أعماقها أن تخبو، سيما أنها قضت سنة كاملة من عمرها في تحضير مشروع الدكتوراة، معتمدة على إمكاناتها المادية البسيطة، المقتطعة من راتب والدها المنتسب إلى أسرة التعليم. إذ دخلت لاجتياز المقابلة بعزيمة قوية، وبدل أن تنصب الأسئلة على موضوع مشروعها، الذي اختارت له عنوان: “الديمقراطية التشاركية من أجل تكريس الخيار الديمقراطي” والمتمحور حول الأدوار الدستورية الجديدة للمجتمع المدني، أصر أحد أعضاء اللجنة على استدراجها خارج مشروعها، وما إن علم بانتمائها إلى حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” حتى ثارت ثائرته ورمى ببطاقتها الوطنية في وجهها، متهما الطلبة الاتحاديين بالعمل على تسييس الجامعة بدل طلب العلم والمعرفة…
بالله عليكم، أبهكذا سلوك يتم تشجيع طلبتنا على البحث والتحصيل، ودفعهم إلى الانخراط في الحياة السياسية، للمشاركة في إدارة الشأن العام والنهوض بأوضاع المجتمع؟ ثم ما ذنب طالبة جاء مشروع بحثها مشابها لمشروع السيد الوزير؟ فأين نحن من تكافؤ الفرص، النزاهة، الشفافية وحياد الإدارة؟ وما إلى ذلك من الأسئلة، التي لا تستدعي فقط تدخل السيدين وزير التعليم العالي ورئيس المجلس الأعلى للتعليم، كما طالب بذلك المتضررون وعلى رأسهم الطالبة: شريفة لومير، التي قررت الدخول في اعتصام مفتوح بالكلية وإضراب عن الطعام، بل وقوف السيد رئيس الحكومة بنفسه على ملابسات الفضيحة، خاصة أن أبطالها من حزبه، الذي عارضنا بشدة نعته ب”لا عدالة لا تنمية” من لدن الإماراتي “ضاحي خلفان”.
نحن لا نشكك في قدرات السيد الوزير، سيما أنه استفاد جيدا من خلاصات الحوار الوطني للمجتمع المدني، الذي استنزف ميزانية ضخمة من أموال الشعب، ولكننا نستغرب لهذا الإصرار المتواصل على سياسة الكيل بمكيالين وانتهاك الحقوق. وعلى كافة القوى الحية بالبلاد مساندة هذه الطالبة في محنتها، والتي كان حريا ب”المصلحين الجدد” احتضانها، عوض الإقصاء الممنهج الذي ذهبت ضحيته…
اسماعيل الحلوتي

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،