مايسة سلامة الناجي تكتب: ماذا بعد يا فرنسا “المسمومة”؟

مايسة سلامة الناجي تكتب: ماذا بعد يا فرنسا “المسمومة”؟

- ‎فيرأي
163
6

منذ أن صدم الملك الجميع حين حمل كبار رأسماليي المملكة معه إلى جولة إفريقية بدل أن يحمل وزراءه، محاولا موازاة التأثير “التيجاني” للمغرب على سكان القارة بتأثير اقتصادي يضمن به تضامنهم في ملف الصحراء، لا فقط بالتنويم المغناطيسي ب”الجاوي وصلبان” وإنما وأخيرا بضمان النفع الحقيقي لهم بجلب استثماراته واستثمار أثرياء المملكة إلى  تلك الأسواق العذراء الخام، والتي تتسابق عليها القوى العظمى، لم تستسغ فرنسا الأمر، وبدأنا في دوامة حروب مسمومة “من تحت الدف”، يتنصل منها “الإليزيه” بابتسامة “هولاند” الصفراء، رغم أنه ليس ببريء منها بالكلية. ولم تترك فرنسا الزيارة تبدأ حتى نشرت جريدة “لوموند” مقولة السفير الفرنسي السابق المعتمد بواشنطن “فرانسوا ديلاتر”، إن المغرب بالنسبة لفرنسا كالعشيقة التي ينام معها ويضطر للدفاع عنها “في قضية الصحراء”! ولم ينتظر “هولاند” طويلا، ساعات فقط حتى طار إلى “نيجيريا” في زيارة مفاجئة بدعوى مشاركته في ندوة بمناسبة مائوية توحيد البلاد!

وتوالت الضربات الفرنسية بشكوى وضعها مغربي في القضاء الفرنسي بدعم من منظمة العمل المسيحي لإلغاء التعذيب، يتهم فيها رئيس المخابرات المغربية بالتعذيب في أحد “المعتقلات”، ليحط 7 ضباط في مقر إقامة سفير المغرب بباريس لإعلام “الحموشي” باستدعاء القضاء، وفي تلك الأثناء بالضبط اقتسم “هولاند” صورة مع زعيم البوليزاريو “محمد عبد العزيز” بصفته رئيسا للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، كما أعلن عن ذلك خلال خطابه بالمؤتمر الذي عقد في قمة “نيجيريا”! ولم تمر أسابيع حتى أزالوا لوزير خارجيتنا “مزوار” ملابسه في المطار الفرنسي على أساس التفتيش بما يخل بكل أعراق التعاملات الديبلوماسية، قبل أن يعاودوا تعريته مرة أخرى بظهور المسمى “كريم كولمان” الذي نشر غسيله وغسيل وزارته وغسيل “طواسلنا” كاملين على موقع “تويتر”.. والله وحده أعلم ما تخبئ لنا الأيام من حروب باردة مع هذه الدولة “المسمومة”!

من يتهمون المغرب بأنه عشيقة فرنسا ظالم، لا يرى أبعاد محاولات الانفصال والاستقلال عن التبعية الاقتصادية والهوياتية لتلك الدولة الإمبريالية، لا يرى المكائد التي تكيد لنا فرنسا حتى نظل تحت الحماية لسنوات أطول، ينسى أن الاستعمار ليس عشق.. إنما اغتصاب! وأن المغرب لم يضطر إلى التبعية الثقافية والسياسية لفرنسا حتى نخره الاستعمار الفرنسي بسياسة فرق تسد، فمزقه خرائطيا بين شماله وجنوبه ومدنه الداخلية، المغرب الذي كان سلاطينه يحكمون موريطانيا حتى شمال مالي، وقسمه إلى مغرب نافع ومغرب غير نافع، وزرع الحقد بين مختلف طوائفه وأعراقه التي طالما تعايشت في سلم، واجتث منه طابعه الإسلامي وغرز شوكته الحداثية وثقافته ثم خرج!

وإن كانت فرنسا تدافع عن المغرب اضطرارا، فربما نسوا أن المغرب شارك ولا يزال في حروبها إجبارا، ونحن نسمع اليوم فرنسا تدعونا إلى خوض معاركها الأنانية التوسعية بجيشنا ضد “بوكو حرام”، حتى يفقد المغرب أرواح عسكره مقابل الإبقاء على نفوذ فرنسا في إفريقيا!! نسوا أن تلك الحروب التي شاركنا فيها اضطرارا خلفت متقاعدين لا زالوا اليوم يناضلون لأبسط حقوقهم الصحية والاجتماعية منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم.. هم الذين وضعوا في الصفوف الأولى ليصطادوا بهم الرصاص.. كالطُّعم!!

من يرى المغرب كعشيقة.. لم أسمع عن عشيقة تُستَغّل ماديا، بل أعرف أن العشيقة هي التي تستغل! ما بال فرنسا إذن تلتهم شركات المغرب التهاما بشراء رؤوس أموالها وتسرح فيه بسياحها الذين اشتروا أغلب رياض مراكش وأڭادير، وأصبحوا يديرون سياحة المدن كأنها مدنهم، ويدرون المهرجانات كأنها ملكهم، ويديرون الاستثمارات كأن البلد بلدهم، ورسخوا أعشاشهم بنقل شركاتهم إلى المغرب ليتمتعوا بالضرائب المنخفضة والحياة الرخيصة! أصبحنا نعيش التبعية لا فقط عبر أنظمتنا الصحية والدراسية وبرامجنا في الإعلام، وإنما أصبحنا نعاني الأمرين مع هذه الدولة التي تسخر الجواسيس من الجزائر وتسخر الدبلوماسية والقضاء والأقلام المأجورة لتذكر المغاربة بالتبعية وبالرؤية الدونية التي ينظر بها الفرنسيون للمستعمرات، وبالعبارات القدحية للفكر الاستعماري الذي يغتصب ثم يقنن علاقته مع ضحيته، رغم أننا ألغينا ذلك القانون من المدونات!

فليتذكر بعض من هذا الشعب المغربي، من الذين يتبجحون بلهجتهم الفرنسية، وبسلوكياتهم الفرنسية، أن فرنسا تنظر إليهم نظرة العهر، ربما استفاقوا وتذكروا أن لهم كيانا ولغة وهوية وافتخروا بها!

هنا صوتك

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،