«جيلو» في حيفا بدون عيد

«جيلو» في حيفا بدون عيد

- ‎فيفن و ثقافة
192
6

في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 نوفمبر)، استضاف مسرح «انسمبل خشبة»، عرض «باي باي جيلو» لـ «مسرح الحارة» على خشبة «مسرح الميدان» في حيفا. وجاءت استضافة «باي باي جيلو» في إطار التحضيرات التي يقوم بها «انسمبل خشبة» لإطلاق مشروعه الجديد «مسرح من أجل المكان» الذي انطلق بحملة لتجنيد الموارد من أجل ترميم مبنى عثماني يقع في حيّ وادي الصليب التاريخي في حيفا والمهدّد بمخطّطات التهويد. وسيخدم المبنى مشروع إقامة مسرح مستقل يعمل على إنتاجات موسمية وإقامة فضاءات عرض وورشات عمل فنية، داعياً جميع الفنانين والمسرحيين ليكونوا جزءاً من عملية السعي نحو خلق حالة مسرحية متجدّدة قصد إدماج المجتمع في هذه المساحة الفنية الممانِعَة.
في إطار سياسة المنع المقنّع التي تنتهجها سلطات الاحتلال ضدّ عرض الأعمال الفلسطينية والعربية في الداخل، لم يحصل الممثل عيد عزيز (مولود في نابلس عام 1980 والمتخرّج من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق والمدرّس في أكاديمية الدراما في رام الله) على تصريح للدخول بحجج “أمنية”. وقد بُرمِج عرض حيفا للتواصل مع فلسطينيي الداخل بعد إلغاء عرضٍ للمسرحية على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني في القدس خلال الموسم الماضي. ويعود السبب ـ كما سبق وأعلن «مسرح الحارة» حينها ـ إلى «عدم حصول طاقم العمل على التصاريح اللازمة». لكن تحت إصرار «مسرح الحارة» و«انسمبل خشبة» على وصول العرض إلى أهالي حيفا وشمال فلسطين عموماً، وضدّاً على مخطّطات العزل الثقافي الصهيونية، قام مخرج العرض بشار مرقص بلعب دور «جيلو 2» تعويضاً لعيد عزيز إلى جانب الممثلين نقولا زرينة وعطا ناصر.
وقد اختتم عرض حيفا جولة فلسطينية عُرضت خلالها مسرحية «باي باي جيلو» في جنين وبيت لحم والخليل ورام الله بعدما قامت المسرحية بجولات ناجحة خلال الموسم الماضي في فلسطين وتونس وفرنسا وبلجيكا. ويذكر بأن المسرحية من إنتاج «مسرح الحارة» الفلسطيني في بيت جالا بدعم من «مؤسسة لافريش بل دو مي» الفرنسية. وقد تمّ اختيار نص المسرحية، للكاتب المغربي طه عدنان، في إطار مشروع النص المسرحي العربي المعاصر. وهو مشروع أوروبي يشجع الدراما المعاصرة في العالم العربي ويدعم إخراج وإنتاج المسرحيات العربية في حوض البحر الأبيض المتوسط وأوروبا.

حزين لجيلو “الفلسطيني”
طه عدنان
مؤسفٌ فعلاً أن يدخل جيلو المغربي إلى حيفا ويُمْنَع أحدُ أندادِه ومُشخّصيه الفلسطيني عيد عزيز من ذلك. عيد الذي لم يحصل على تصريح للدخول بحججٍ “أمنية” واهية، بعدما أبدع مع أصدقائه في عروض جنين وبيت لحم والخليل ورام الله مؤخّراً.
عندما طرح عليَّ بشار مرقص فكرة «3 جيلو في 1» أوّل مرّة، كنت متوجّساً قليلاً. لكنّني خمّنت أن الترحيل الذي عاشه جيلو -وبشكل فردي- ربما كابَدَه الفلسطينيون بشكل جماعي. كما كنتُ مقتنعاً بأنّ السفر من النّص إلى العرض محفوفٌ بالمفاجآت. فلكي تترك لنصٍّ من تأليفك أن يفاجئك، يجب أن تعطي للقراءة الإخراجية ما يلزمها من حرّية. وقد استثمر طاقم مسرح الحارة هذه الحرية بطريقة مبدعة، وتوفّق الجميع في إيجاد النبرة المناسبة التي جعلت تعدّد الأصوات يُكثّف العزلة بشكل بديع. هذا ما اكتشفتُه بفرح خلال عرض تونس أوّل مرة، ثم عروض مرسيليا وبروكسل بعد ذلك. والآن، لم أعد أتخيّل جيلو “الفلسطيني” بدون أنداده الثلاثة: نقولا زرينة وعطا ناصر وعيد عزيز. لذا يعزّ عليّ كثيراً أن يغيب عيد عن عرض الليلة. وأنا حزين لأجله. كما أنّني حزينٌ لأن مأساة جيلو هي جزءٌ يسيرٌ من مأساة كبرى يعيشها الفلسطينيُّ يوميّاً، هو الذي لم يختر الخروج من وطنه أصلاً، ومع ذلك تحاصره المعابر (وأقصد الحواجز) والتصاريح (بمعنى الموانع) في حلّه وترحاله.
الدور في النهاية سيتصدّى له مخرج العرض بشّار مرقص لتفويت الفرصة على المنع المقنّع الذي تمارسه سلطات الاحتلال بمكرٍ غبيٍّ عبر سياسة عدم استصدار التصاريح. وحتى لا يُلغى عرض الليلة على خشبة «مسرح الميدان» في حيفا مثلما ألغِيَ على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني في القدس خلال الموسم الماضي.
بالتوفيق بشار وأنت تنتقل الليلة إلى الرّكح ممثلاً بعدما كنت تدير الممثلين بحرفية عالية. ومتمنياتي للشباب في “مسرح الحارة” و”انسمبل خشبة” بوافر النجاح. الأهم أن يصل العرض إلى أهالي حيفا، وشمال فلسطين، ضدّاً على مخطّطات العزل الثقافي الصهيونية. والأجمل أنه يأتي في إطار مشروع “مسرح من أجل المكان” الذي يهدف إلى ترميم مبنى عثماني يقع في حيّ وادي الصليب التاريخي في حيفا والمهدّد بمخطّطات التهويد. والأبهى أنه يصادف اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وكلّ عام وفلسطين بمقاومة وإبداع.

عن الاخبار اللبنانية

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،