ماكرون ” رئيس الأغنياء” يرضخ لمطالب أصحاب “السترات الصفراء”

ماكرون ” رئيس الأغنياء” يرضخ لمطالب أصحاب “السترات الصفراء”

- ‎فيفي الواجهة
248
6

ا ف ب / سيباستيان سالوم غوميس

كلامكم/ أ ف ب

 

اشتبكت قوات مكافحة الشغب في باريس السبت مع متظاهري حركة “السترات الصفراء” الذين أقاموا متاريس وأضرموا النيران ورشقوها بالحجارة في يوم جديد من الاحتجاجات العنيفة المناهضة لسياسات الرئيس إيمانويل ماكرون، لكن العاصمة تجنبت على ما يبدو، بفعل الانتشار الأمني المكثف، أعمال العنف الواسعة النطاق التي شهدتها الأسبوع الفائت.

ورغم الإجراءات الأمنية غير المسبوقة أضرم المتظاهرون النار في سيارات ومتاريس أقاموها بما تيسر لهم، كما حطّموا واجهات محال تجارية في وسط المدينة التي جابتها العربات المدرّعة طيلة النهار.

وفيما كانت الشرطة تطلق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين كان هؤلاء يردّدون “ماكرون تنحَّ”، في صدامات دارت بين الطرفين قرب جادة الشانزيليزيه التي شهدت السبت الماضي أسوأ أعمال شغب في باريس منذ عقود.

وارتفعت أعمدة من الدخان الأسود الكثيف في سماء المدينة.

 

ا ف ب / إريك فيفربرغ . متظاهرون يتجمعون حول شخص سقط أرضا في الشانزيليزيه خلال تظاهرات حركة “السترات الصفراء” في باريس بتاريخ 8 كانون الأول/ديسمبر 2018

وتعهدت الحكومة باتّباع سياسة “لا تسامح” مع الفوضيين والمخرّبين الذين يحاولون استغلال التظاهرات.

وهنّأ رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب الشرطة على ما قامت به السبت، وتعهّد أن تعالج الحكومة مخاوف المواطنين بخصوص ارتفاع كلفة المعيشة.

– دعوة للحوار –

وقال فيليب في بيان متلفز إنّ “الحوار بدأ ويجب أن يتواصل”، مؤكّداً أن “الرئيس سيتحدّث وسيقدّم إجراءات ستغذّي هذا الحوار”.

وتدفّق المحتجّون على باريس من كافة أرجاء البلاد، رغم دعوات الحكومة للمواطنين لعدم المشاركة في هذه التظاهرات التي بدأت ضد رفع أسعار الوقود قبل أن تتحول لثورة غضب ضد سياسات ماكرون المتّهم بالانحياز للأغنياء على حساب الفقراء.

وفي حي التسوق الشهير “غران بولفار” رمى متظاهرون مقنّعون الحجارة على عناصر الشرطة، وأضرموا النيران في متاريس أقاموها سريعاً من حاويات القمامة وأشجار الكريسماس.

وأصيب عدد من الصحافيين خلال التظاهرات في باريس حيث تعرّض ثلاثة منهم لطلقات “فلاش بول” (سلاح غير فتاك تستخدمه الشرطة)، بحسب إفادات نشرتها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.

اف ب / توماس سامسون. محتجون من حركة “السترات الصفراء” في الشانزيليزيه في باريس بتاريسخ 8 كانون الأول/ديسمبر 2018

وقال العديد من الصحافيين إن قوات الأمن صادرت معدات الحماية التي كانت بحوزتهم ما عرّضهم لمخاطر جسدية.

وأعلن نائب وزير الداخلية لوران نونيز أن نحو 125 ألف شخص شاركوا في التظاهرات في سائر أنحاء البلاد، من بينهم ثمانية آلاف في باريس. وهي تعبئة أقلّ تلك التي جرت قبل أسبوع حين بلغ عدد المتظاهرين في عموم فرنسا 136 ألفاً.

وخرجت تظاهرات منسّقة نظّمتها حركة “السترات الصفراء” في سائر أنحاء البلاد السبت بما في ذلك في عدة طرقات سريعة حيث تسبّبت بتعطيل حركة السير.

– 1400 موقوف –

واعتقلت السلطات نحو 1400 شخص في سائر أرجاء البلاد، بحسب ما اعلن زير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير، في وقت نفّذت فيه الشرطة عمليات تفتيش استهدفت من يصلون إلى محطات القطارات وفي المواقع التي تركزت فيها الاحتجاجات على غرار الشانزيليزيه ونصب الباستيل.

وبين المعتقلين عشرات تم توقيفهم بعدما عثرت السلطات بحوزتهم على أقنعة ومطارق ومقاليع وحجارة يمكن استخدامها لمهاجمة الشرطة.

لكنّ العديد من المتظاهرين أكّدوا أنّهم لا يتوسّلون العنف. وفي باريس، قالت السلطات الصحية إنّ 60 شخصا نقلوا للمستشفيات معظمهم كانت جروحه بسيطة. لكنّ متظاهراً أصيب بجروح خطيرة في يده في بوردو في جنوب غرب البلاد بعد اشتباكه مع عناصر الدرك.

ونشر نحو 89 ألف عنصر شرطة في أنحاء البلاد بينهم 8000 في باريس حيث تم تسيير عشرات العربات المدرّعة لأول مرة منذ عقود.

واشتبكت قوات مكافحة الشغب مع المتظاهرين كذلك في بوردو وتولوز، فيما كانت التظاهرات تسلمية في بقية أنحاء البلاد.

وتمّ استباق التظاهرات في باريس بإغلاق المتاجر والمتاحف وبرج إيفل إلى جانب العديد من محطات القطارات وأنحاء واسعة من وسط المدينة، بينما ألغيت مباريات كرة قدم وحفلات موسيقية.

ا ف ب / سيباستيان سالوم غوميس متظاهر من حركة “السترات الصفراء” يعيد رمي قنبلة غاز مسيل للدموع أطلقتها قوات الأمن في جادة الشانزيليزيه في 8 كانون الأول/ديسمبر 2018

وهزّت فرنسا أعمال عنف وقعت نهاية الأسبوع الماضي وتخلّلها إحراق مئتي سيارة وتخريب قوس النصر وزجّت بحكومة ماكرون في أسوأ أزمة تواجهها حتى الآن.

ووضعت المتاجر في محيط الشانزيليزيه ألواحا خشبية على واجهاتها وأفرغت البضائع الجمعة بينما تم إغلاق متحفي اللوفر وأورسي وغيرهما.

وأغلقت كذلك المتاجر الكبرى أبوابها خشية تعرضها للنهب في نهاية أسبوع تسبق عطلة عيد الميلاد وكانت لتشهد حركة بيع واسعة في الأحوال العادية.

بدورها، ترصد الحكومات الأجنبية الأوضاع من كثب في إحدى مدن العالم الأكثر رواجاً في أوساط السياح.

وأصدرت السفارة الأميركية تحذيرا لمواطنيها في باريس داعية إياهم إلى “تفادي الظهور وتجنب التجمعات”، فيما حضت الحكومات البلجيكية والبرتغالية والتشيكية مواطنيها الذين ينوون التوجه إلى باريس على تأجيل سفرهم.

– ترامب يغرّد –

من جهته، هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت مجدّداً اتفاق باريس للمناخ، معتبراً أن تحرّك “السترات الصفراء” يثبت فشل هذا الاتفاق.

وكتب ترامب على تويتر أن “اتفاق باريس لا يسير على نحو جيّد بالنسبة الى باريس. تظاهرات وأعمال شغب في كل أنحاء فرنسا”.

ثم عاد وكتب على تويتر “نهار وليل حزينان جداً في باريس”، مضيفا “ربما حان الوقت لوضع حدّ لاتفاق باريس السخيف والمكلف للغاية، وإعادة المال إلى الناس عبر خفض الضرائب”.

والسبت، امتدت التظاهرات إلى بلجيكا المجاورة حيث تم توقيف 400 شخص من متظاهري “السترات الصفراء” في بروكسل فيما خرجت تجمعات سلمية في عدة بلدات هولندية. دون ان يتم تسجيل وقوع أحداث عنف.

– تراجع ماكرون –

ورضخ ماكرون هذا الأسبوع لبعض مطالب المحتجّين عبر إجراءات لمساعدة الفقراء والطبقة المتوسطة التي تعاني من صعوبات معيشية، وقد تضمنت إجراءاته إلغاء الزيادة المقررة في الضرائب على الوقود والحفاظ على أسعار الكهرباء والغاز في 2019.

لكنّ ناشطي “السترات الصفراء”، الذين ارتفع منسوب التشدّد في أوساط بعضهم، يطالبون بمزيد من الاجراءات.

**من جهتها، دعت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان ماكرون “للاعتراف بمعاناة المجتمع والقيام بردود فعل فورية وقوية جدا”.

واتّسع نطاق الحراك مع خروج تظاهرات في عشرات المدارس للاعتراض على إصلاحات تتعلق بدخول الجامعات بينما دعا مزارعون إلى تظاهرات الأسبوع المقبل.

وفي مسعى للاستفادة من التحرّك، دعت نقابة “سي جي تي” إلى إضرابات في صفوف عمال السكك الحديد والمترو الجمعة المقبل للمطالبة بزيادة فورية للرواتب والمعاشات التقاعدية.

– “رئيس الأغنياء” –

ويحتجّ المتظاهرون بشكل خاص كذلك على القرار الذي أصدره ماكرون في بداية عهده الرئاسي بخفض الضرائب على الأغنياء في فرنسا.

وكان المصرفي السابق استبعد إعادة فرض “الضريبة على الثروة”، مشيراً إلى أنّ إلغاءها ضروري لتعزيز الاستثمارات وخلق فرص العمل.

ويعارض المحتجّون سياسات ماكرون الذي أدلى بسلسلة من التصريحات اعتبرت مجحفة بحق العمال العاديين، ما دفع الكثيرين الى أن يطلقوا عليه لقب “رئيس الأغنياء”.

وكان الرئيس تعهد مواصلة مسعاه لإحداث تغييرات عميقة في الاقتصاد الفرنسي وعدم الانصياع إلى التظاهرات الشعبية الواسعة التي أذعن لها رؤساء سابقون.

لكنّ التراجع عن زيادة ضرائب الوقود التي يفترض أن تمضي بفرنسا في مسار التحوّل إلى اقتصاد صديق للبيئة، يعدّ هزيمة أساسية للرئيس الوسطي.

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،