فاجعة الفيضانات بين هشاشة البنى التحتية وردود السلطة

فاجعة الفيضانات بين هشاشة البنى التحتية وردود السلطة

- ‎فيرأي
165
6

النواية محمد

 

إن ما عرفته مدن الجنوب المغربي من فيضانات قوية ومهولة وما خلفته من ضحايا من البشر والحيوانات ودمار في المباني والطرقات يكشف عن الحقائق التالية

  • هشاشة البنية التحتية في هذه المناطق نتيجة سياسة التدبير الفاشل وفساد المسؤولين الذين توالوا على تدبير الشأن الوطني والمحلي  فمن اجتيحت له الفرصة أو الأقدار إن عاش أو زار لمدة هذه المناطق في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات وعاد زيارتها حاليا يكتشف إن هذه المناطق لا زالت كما كانت علية في ذلك الزمان. فمدينة بويزكارن الحزينة والصامتة لا زالت دلك المعبر المنسي إلى مدينتي طاطا وكلميم الجاثم على ماضي وحاضر التهميش الذي طال هذه المدينة لعدة عقود تأتي بعدها في محور طاطا مدينة تغجيجت تلك الواحة المهملة التي فقدت حسنها وجمالها كعجوز تقاوم الزمن في الحفاظ على ما تبقى من حروف زينتها  تليها تيمولاي المسالمة بسواقيها التي تنبض وسماحة أهلها وحبورهم اللذان يلفانك عندما تحل بها  والتي سجلت أعلى رقم في ضحايا الإهمال في هذه الكوارث  امتضي بتلالها الحجرية وقصبتها الشامخة تم تستقبلك مدينة افران الصغير نسبتا إلى الأطلس الصغير والمعروفة بوديانها وسواقيها كذلك افران الصغير الذي يجهلونه مغاربة الشمال والدي سيبقى مغمورا ما لم تخصه السلطة بمهرجان أو موسم حتى يشهر وتفك عزلته .

وأخيرا لا بد لك من عبور فم الحصن لتلج مدن طاطا واقا وتيسنت التي لا تصلها الجريدة إلا بعد أسبوع هذا هو المغرب المنسي بسكانه الطيبين الكرماء وجباله الأطلسية الصغيرة وبيوته الطينية المتواضعة الذي يفتقد لأدنى شروط الحياة الكريمة والدي لا يصل إليه صخب المهرجانات والحفلات والبهرجة الكبرى ولا قوافل المجتمع المدني كما لا يعرفه الإعلام الرسمي ولا الجرائد الحزبية والمستقلة والالكترونية هذا المغرب الذي يتحامل عليه الكل والدي لا تستطيع أن تخفيه المظاهر المبهرة في المدن الكبرى ولا الحفلات الصاخبة التي ينقلها الإعلام المرئي دون  مراعاة لشعور المكلومين أللدين يبكون ضحاياهم ويجدون صعوبة كبيرة في نقل موتاهم .

  • ثم هناك مناطق أخرى في مدخل الصحراء استفادت من إعادة الهيكلة المغشوشة وصرفت عليها أموال خيالية لتلميع صورتها  وتزيين واجهاتها ونعني بدلك كلميم ومنطقة اسا الزاك فإلى حدود نهاية القرن الماضي وهذه المدينة بدون صرف صحي  فجميع المجالس التي توالت على مسؤوليتها كان ضمن برامجها مشروع الصرف الصحي منذ تولي أول عامل بالمدينة الحاج عمر ناهيك عن المرافق والخدمات الاجتماعية التي لا تفي بالغرض .
  • إن هذه الهيكلة التي شملت الواجهة وأهملت العمق في المدينة لم تصمد في وجه الأمطار الغزيرة وفيضانات واد أم العشار التي أرجعت المدينة إلى عهدها القديم وأبانت عن الغش والفساد في هذه الاوراش الكبرى وعرت ما كان يحجبها من عوامل التجميل المزيفة وأزاحت القناع عن هول الاختلاس الذي لحق بالمال العام المهدور بدون حسيب ولا رقيب ولا سياسة للمحاسبة والمساءلة.

لقد كشفت هذه الفيضانات والكوارث التي صاحبتها عما هو أعمق ويتجلى في نقطتين

  • 1 غياب خطة وبرنامج في حالة الكوارث الطبيعية يقي البلاد شر المخاطر والآفات التي تهددها في مثل هذه الحالات  فإلى متى سنبقى نعتمد على أساليب تقليدية ومتخلفة في مواجهة هذه الحالات في غياب نظرة وخطة مستقبلية تعتمد على خبرات دولية ودراسات علمية ترسم كيفية المواجهة من حيت الأجهزة والوسائل اللوجستيكية الحديثة والوحدات الخاصة والمدربة كما هو متعارف عليه في الدول المتقدمة
  • 2 ردود فعل السلطة الارتجالية في حالة عدم توفر الدولة والحكومة على ما تناولتاه في النقطة الأولى لا يمكن لرد فعلهما إلا أن يكون ردا ارتجاليا من حيت تدبير الأزمة ونوع الآليات ونجاعة الوسائل التي استعملت في التصدي لها وتحديد الأولويات وكيفية التدخل وعدم القدرة على التواجد في كل النقط التي تضررت، حيث ظلت بعض المناطق معزولة لعدة أيام تنتظر وصول فرق التدخل والإغاثة ليتم التعامل مع منكوبيها بمنطق الإحسان والصدقة.

وأبانت تصريحات المسؤولين عن لخبطة ومفارقات غريبة في التعاطي مع الكارثة فهناك من يلوم الطبيعة ومن يحمل المسؤولية للمواطنين وأخر يدعو إلى عدم المزايدة السياسية معللا دلك بالبلدان الاروبية التي تعرف هي الأخرى كوارث طبيعية ويغيب عنه أن هذه البلدان تنعم ببنية تحتية غير مغشوشة ولا يمكن لقناطرها أن تنهار في أول اختبار كما أن مناطقها مشمولة بسياسة تنموية لمواجهة اعتي الأعاصير ففي المغرب قناطر بناها

المستعمر ولم ينل منها لا الزمان ولا العوامل الطبيعية بل اكتر من ذلك هناك قنطرة على واد تانسيفت بمدخل مراكش تعد من بين المعالم التي

شيدها الموحدون .

طيلة أسبوع كامل عاشت مناطق الجنوب فاجعة الفيضانات في غياب وزراء الحكومة وأجهزة الدولة ومسؤولي الشأن المحلي في الوقت الذي كانت فيه صرخات الإغاثة تنبعث من قرى الجبال المعزولة والمهمشة ومن الوديان الهائجة والتي لم يكن لها صدى إلا في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنابر الالكترونية الشريفة . أما الإعلام العمومي كعادته فكان منشغلا بتغطية المهرجانات والحفلات والسهرات وأنشطة السادة الوزراء ونقل الأمسيات التي يحييها فنانو الشرق ونجومهم السينمائيين المدعوين ليرقصوا على جثت الأحياء والأموات على حد السواء وكانت قنواتنا مهووسة بإبهارنا باستعداد بلادنا لضيافة المنتدى العالمي لحقوق الإنسان والمهرجان السينمائي بمراكش وبطولة العالمي للأندية إلى غير ذلك من المناسبات التي يهدر فيها المال العام وتجند فيها إمكانات الدولة في أمور لا يجني منها الشعب إلا الكوارث والأزمات . أنها سياسة لا تنتج سوى الإقصاء والتهميش والفوارق الاجتماعية والجهوية

 

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،