سناء العاجي في رسالة موجهة إلى مجلة ” الآن” : “الأخلاقيات ليست خطابا، بل ممارسة”

سناء العاجي في رسالة موجهة إلى مجلة ” الآن” : “الأخلاقيات ليست خطابا، بل ممارسة”

- ‎فيإعلام و تعليم
346
6

sanaa_aji_0

 

في الأسبوع الأخير من شهر غشت، قبيل انتهاء العطلة الصيفية وقبل عودة المجلات والجرائد الأسبوعية، بعثت رسالتين للأستاذ يوسف ججيلي، مدير نشر مجلة الآن، بخصوص تاريخ عودة المجلة بعد العطلة الصيفية. لم أتوصل منه بأي رد، إلى أن اكتشفت صدور العدد الأول لشهر شتنبر. بعثت له آنذاك الرسالة التالية:
“عزيزي يوسف،
اقتنيت العدد الجديد من مجلة “الآن” في الأكشاك ولي عليك لوم شخصي ومهني.
من حقك التام، كمدير نشر، أن توقف التعاون مع أي صحافي أو كاتب عمود، للأسباب التي تبدو لك مناسبة. هذا قرار يرتبط باختيارات تحريرية لا يمكنني مناقشتها. لكني أعتقد أن اللياقة المهنية كانت تقتضي أن تتصل بي هاتفيا أو عبر إيميل لكي تخبرني أن المجلة اختارت أن توقف التعاون الذي يربطنا. هذا ما كنتُ سأفعله لو أني اخترت توقيف التعاون مع المجلة، وهذا ما تقتضيه اللياقة والممارسة المهنية واحترام الآخر.
بالطبع، أنا لا أكتب لك لكي أطلب منك مراجعة القرار. بتاتا… لكني أعتبر في هذا الأسلوب عدم احترام لشخصي. كما أني أعتبر أنه من المؤسف فعلا أن ينتهي تعاوننا بهذا الأسلوب.
مع تحياتي”

فوجئت بكون الأعداد الموالية جميعها ظلت تحمل اسمي في ترويستها، إلى غاية يوم 17 أكتوبر، حيث بعثت إليه الرسالة التالية:
“العزيز يوسف ججيلي،
لقد فوجئت باكتشاف اسمي موجودا ضمن لائحة كتاب الرأي في العدد الأخير من “الآن”.
مفاجأتي الأولى كانت حين رأيته في العدد الأول الصادر بعد العطلة الصيفية. حينها، توقعت أن يكون الأمر خطأ أو سهوا… لكن الاسم استمر في الظهور في كل أعداد المجلة منذ عودتها في بداية شتنبر 2014، بشكل غير مفهوم.
كما يمكنك أن تتصور وتتفهم، فلا يعقل أن يوجد اسمي ككاتبة رأي في مجلة توقف التعاون بيني وبينها.
لذلك، فأنا أطلب منك، مشكورا، أن تحذفه ابتداءً من العدد المقبل.
مع تحياتي”.

الغريب أن المجلة استمرت في نشر اسمي في ترويستها حتى بعد هذه الرسالة. وهو ما وجدته صراحة غير مفهوم. فأن ينهي الأستاذ يوسف ججيلي التعاون معي ككاتبة عمود هو حقه الذي لا يناقش. لكن أن ينهيه بدون تبرير أو تفسير ثم يحتفظ بالاسم في الترويسة بعد ذلك رغم إشارتي للأمر وتنبيهي إليه فهذا غير مقبول.

الأمر لا يتعلق بتضخم للأنا ولا بإحساس متعالٍ بالنرجسية. لا أعتبر نفسي شخصية خارقة للعادة ولا كاتبة أعمدة لا تضاهى. لكني أعتبر أنه، مبدئيا، هناك أخلاقياتٌ نتغنّى بها عليها أن تكون بارزة في ممارساتنا اليومية. هناك احترام واجب منا تجاه الآخر، بغض النظر عن كل اعتبارات تراتبية.
خلال كل مساري المهني، والذي تُعدّ الصحافة جزءا مهمّا منه لكنه ليس الوحيد والأوحد، حافظت دائما على حدود اللياقة والمهنية في التعامل. لم أدَّعِ يوما أني أمارس مهنة لا أزاولها أو أنتسب لمؤسسة لا أنتمي إليها، ولا أحبُّ أن يدّعي أحدٌ ذلك نيابة عنّي. حين كنت أقرّر بشكل حاسم إنهاء تجربة مهنية ما، كنت أصرّح بذلك للطرف الآخر، حتى في الأوقات التي كان عدم التصريح باختياري يشكّل مكسبا. وحتى حين كان للتصريح بقراري تأثيرات جانبية سلبية. لكن القيمة الأساسية التي كانت وما زالت تحرّكني، هي احترام حدود المهنية والأخلاق. وأول شروط ذلك، الوضوح مع الطرف الآخر في بداية كلّ تجربة، وأيضا -وهذا أساسي- في نهايتها. لأننا، وفي كل تجاربنا المهنية، نبني أولا وقبل كل شيء علاقات إنسانية يستحسن أن تكون قائمة على الصراحة والصدق والوضوح ومؤسسة على التواصل والاحترام المتبادل. فمن المؤسف حقّا أن نُنَظِّر لأشياء لا نمارسها في حياتنا اليومية.

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش فراس الوالي شوراق.. مقهى تبتلع الملك العام بسويقة باب دكالة و السلطات فدار غفلون

لا حديث بين سكان باب دكالة و زوارها،